حمود أبو طالب

المعارضة مصطلح واسع فضفاض، أو ضيق محدود قاصر، تبعاً للمفهوم الشخصي والأهداف التي يسعى إليها الشخص انطلاقاً من فهمه الخاص وقناعاته وفلسفته تجاه معنى المعارضة. لكن هذا المصطلح يكاد يكون تم اختزاله أو بالأصح حصره على السياسة فقط فأصبح مرتبطا بها ودلالة عليها في الذهنية الجمعية لمعظم الشعوب، ولا بأس في ذلك، أي اقتصاره على الجانب السياسي، فباستطاعتك أن تكون معارضاً ولكن بشكل إيجابي مفيد لمجتمعك ووطنك.

أي دولة مهمتها ووظيفتها ومسؤوليتها أن تخطط وترسم سياسات لكل شؤونها الداخلية والخارجية، وبالتالي إذا انتقد شخص أي جانب من جوانب هذه السياسات يمكن ـ دون تجاوز ـ أن يكون معارضاً. أنا وأنت وأي شخص مهتم بالشأن العام وصاحب رأي مسموع أو مقروء بإمكانه أن يكون كذلك. بالإمكان أن ننتقد الأنظمة واللوائح والقرارات المتعلقة بأي شأن. بالإمكان إبداء الرأي والملاحظات على كل مستويات منظومة إدارة البلد، ابتداء من أي دائرة عامة وصولا إلى مجلس الوزراء ومرورا بمجلس الشورى وغيره من الهيئات والمؤسسات. وأرجو ألا يعتبره أحد مبالغة أو تزييفا للواقع إذا قلنا أنه بالإمكان إبداء الملاحظات بشأن أي توجه أو حتى قرار من أعلى السلطات في الوطن، ولكن كيف؟

هناك اشتراطات أخلاقية ووطنية لهذه المعارضة، من أهمها: أن يكون المنطلق والهدف وطنيا خالصا منزها من أي شوائب. أن يكون الأسلوب مهذبا لا يسقط في وحل البذاءة والإسفاف. أن تكون المعارضة وأنت داخل الوطن معتزاً به وبشرعيته وشرعية حكامه، ولست خارج الوطن تتحدث في أحد الأبواق المعادية لوطنك. أن يكون ضميرك وجيبك غير ملوث بمغريات دولة أو جهة تناصب وطنك العداء وتتآمر عليه. أن تكون منطقيا في معارضتك بحيث لا تطلب ما يستحيل تحقيقه سواء في وطنك أو غيره، وأن تمتلك المعلومات والمعرفة الجيدة بالشأن الذي تعارض فيه. أن تمتلك الشجاعة والقدرة على النقاش والحوار بخصوص ما تتحدث عنه دون تصلب وانحياز أعمى لرأيك. أن تتحدث في العلن وفي الضوء وليس في أوكار سرية أو عند من يضمر الشر لوطنك.

بهذه المعايير تستطيع أن تكون معارضاً وطنياً شريفاً، أما بغيرها فهي مسألة فيها نظر، وألف نظر.