زاهي حواس&

سألني الإعلامي القدير عمرو أديب عندما استضافني في برنامجه الشهير «كل يوم» الذي كان يذاع على قناة «On E»: ما أهمية «توت عنخ آمون؟!». وكان السؤال ذكياً من عمرو أديب لأنه أراد أن يوضح للعامة أهمية الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون»، وأراد أن يدفعني لأن أعدد الأسباب التي جعلت من «توت» أشهر ملوك العالم القديم.
في الحقيقة يمكننا أن نعرف مدى أهمية «توت عنخ آمون» بمجرد زيارتنا معرض آثاره المقام حالياً في «متحف العلوم» بمدينة لوس أنجليس. وهناك نرى صور الملك الصغير وآثار معرضه في كل شوارع المدينة؛ وعندما تتنقل بين قنوات التلفزيون لا تجدها تتحدث إلا عن آثار وأسرار «توت عنخ آمون» وحياته ومماته. ويزور المعرض يومياً 7 آلاف مواطن أميركي، ومن الصعب أن تحصل على تذكرة دخول المعرض؛ ويجب أن تنتظر على الأقل شهراً عند الحجز.


ويصاحب المعرض عرض فيلم «I - Max» عن مصر؛ ويعد من أشهر الأفلام التي يعلق فيها عمر الشريف. وشاهد هذا الفيلم إلى الآن ملايين الناس؛ حتى أصبحت نسبة مشاهدة الفيلم أعلى من فيلم «حرب النجوم». وفي الفيلم يزور عمر الشريف حفيدته في مصر ويأخذها في رحلة عبر نهر النيل، وتنبهر الصغيرة كيت بالملك الذهبي «توت عنخ آمون».
ونعود لأهمية «توت عنخ آمون»؛ فنجد أنه الملك الوحيد من ملوك العالم القديم الذي يعرفه كل أطفال العالم منذ سن الخامسة. وقد قمت بعمل ما يطلق عليه «فيديو كونفرانس» مع تلاميذ في هذه المرحلة من العمر بمدرسة «بولينغ غرين» بولاية كنتاكي الأميركية؛ ووجدت أن الأطفال وضعوا على وجوههم قناع الملك «توت عنخ آمون» الشهير؛ وكانوا يعرفون كل شيء عنه.


إن أهمية «توت عنخ آمون» هي التي دفعت هؤلاء إلى عشقه ربما لأنه حكم مصر وهو في التاسعة من عمره؛ واستمر في الحكم عشر سنوات. وقد ولد في العمارنة؛ ورحل إلى طيبة بعد موت أبيه، ولكنه عاش في قصر جميل بمنف حيث كان يصيد الحيوانات المتوحشة في الوادي الذي يقع بين الأهرامات وسقارة، وكان معروفاً باسم «وادي الغزلان». وعثر على مومياء أمه واتضح أنها كانت ابنة للملك «أمنحتب الثالث» والملكة «تي». وعاش حوله رجال عظام مثل القائد العسكري «حور محب» الذي تولى الحكم في آخر الأسرة الـ18 ومعه أيضاً «آي» الذي حكم مصر بعد موت «توت عنخ آمون» وتزوج بأرملة «توت» لكي تعطي له شرعية للحكم.
وتكمن أهمية «توت عنخ آمون» في أن مقبرته كشفت كاملة لم تسرق. وعثر مكتشفها هيوارد كارتر داخلها على أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية؛ منها كثير من القطع الذهبية؛ بالإضافة إلى قطع أثرية لو نظرت إليها فلن تصدق أنها من صنع إنسان؛ مثل القناع الذهبي المصنوع من الذهب الخالص والأحجار الكريمة؛ ويعد من أندر ما تركه لنا الفنان المصري القديم. أضف إلى ذلك، كرسي العرش؛ والمقاصير الذهبية؛ ومقصورة «أنوبيس». وارتبط الكشف بقصص مثيرة؛ منها موت اللورد كارنافون (ممول الكشف) بعد 5 أشهر من كشف المقبرة؛ الأمر الذي أدى إلى ظهور قصص لعنة «توت عنخ آمون».
سيظل «توت عنخ آمون» رغم وفاته منذ 3 آلاف سنة سفير مصر الأول في الخارج.