&سارة ربيع

أعاد وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون، بتصريحاته الأخيرة التي شبهت النساء المسلمات اللائي يرتدين البرقع بـ«صناديق البريد» و«لصوص البنوك»، فتح باب الجدل مرة أخرى، حول أزمة ارتداء النقاب والبرقع في أوروبا، في الوقت الذي بدأت فيه الدنمارك حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، لتنضم إلى فرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى.


وربطت بعض الانتقادات بين حديث جونسون وما يعرف بـ (الإسلاموفوبيا)، في حين اعتبر آخرون التعليق تشبيها يتفق مع ما يشعر به كثير من البريطانيين، وذلك وفقا لوكالة «رويترز».
ويرى خبير العلاقات الدولية سعيد اللاوندي، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هناك توجها لربط الإسلام بالإرهاب، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «كلما وقع حادث إرهابي في أوروبا تتجه الأنظار إلى الجاليات العربية والمسلمة هناك، وإذا ما وجد أن المنفذ له أصول عربية إسلامية، تزداد الدائرة خنقا في اعتبار الجاليات العربية راعية للإرهاب حتى يثبت العكس». مضيفا: «إن قادة الرأي في أوروبا يميلون بشكل كبير إلى حرية الرأي والمساواة والدفاع عن الحريات، ولكن عندما تطل السياسة برأسها في المشهد تفسد كل الأمور بشكل عام، ولعل تصريحات جونسون الأخيرة، تنم عن عنصرية جسيمة».
ووصف جونسون في مقاله يوم الاثنين الماضي بصحيفة «الديلي تليغراف» الرداء بأنه قمعي وسخيف، ويجعل النساء أشبه بصناديق البريد ولصوص البنوك، ما أثار استياء سياسيين آخرين وجماعات حقوقية بريطانية.
وأشار لاوندي إلى أن هناك تناقضا بين سياسات بريطانيا وتصريحات مسؤوليها، قائلا: «إنه لا يخفى على أحد هذا التناقض مثلا في اعتبار جماعة الإخوان المسلمين، جماعة إرهابية في مصر وكثير من الدول العربية، وبريطانيا ما زالت ضد فكرة اعتبارها جماعة إرهابية».


ويخشى لاوندي الذي كان رئيس الجالية المصرية في فرنسا سابقا، من أن «قضية النقاب والاحتياطات الأمنية، قضية عنقودية متشابكة، فلقد أمضيت أكثر من عشرين عاما في فرنسا وعاصرت موجات من التصريحات والقوانين، ولا أرى لها سوى الحوار بين الغرب والمسلمين، علما أن المسلمين يعتبرون أن أي محاولة لاستعداء الشرق والإسلام بشكل عام هي امتداد للحملات الصليبية التي كان يقودها الغرب قديما».
وعلى الجانب الآخر، ترى الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، وعضو مجلس النواب المصري، أن «إلحاق النقاب بالإسلام وإلصاقه بالأعمال الإرهابية ظلم وجهل، وذلك وفقا للتاريخ والعقائد».
وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تأتي أوروبا الآن وتثور لحظر النقاب فأنا أؤيدها، وأقول إنها لا تتصادم مع الإسلام».
ومع بداية أغسطس (آب) الجاري، بدأت الدنمارك تنفيذ قانون حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، الذي اعتمده البرلمان الدنماركي بغالبية 75 صوتا مقابل 30 صوتا، ونال هذا القانون تأييد أكبر قوتين سياسيتين في البرلمان، هما الاشتراكيون الديمقراطيون، والحزب الشعبي الدنماركي (شعبوي مناهض للهجرة).
ويفرض القانون غرامة لمن يخالف، تبلغ ألف كورون دنماركي (134 يورو). وإذا تكررت المخالفات فإن الغرامة يمكن أن تصل إلى عشرة آلاف كورون. وكانت فرنسا أول دولة في أوروبا تحظر النقاب في الأماكن العامة، مع قانون «يمنع إخفاء الوجه في الأماكن العامة» أقر في أكتوبر (تشرين الأول) 2010، ويطبق منذ أبريل (نيسان) 2011. وينص القانون الذي صادقت عليه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 2014، على دفع غرامات تصل إلى 150 يورو لكل مخالفة.


وفي يوليو (تموز) 2017 صادقت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على حظر النقاب في الأماكن العامة في بلجيكا. ومنع ارتداء النقاب معتمد أيضا في النمسا منذ أكتوبر 2017.
واعتمد النواب الألمان في 27 أبريل 2017 قانونا يحظر ارتداء النقاب جزئيا في بعض الظروف، ويرغم بشكل خاص الموظفات الرسميات على أن تكون وجوههن مكشوفة في إطار تأدية مهامهن، وأولئك اللواتي يضعن النقاب على أن يكشفن عنه في حال التدقيق في الهويات. ووافق المجلس الأعلى في البرلمان «البونديسرات» بدوره على النص في 12 مايو (أيار).

&