كلمة الاقتصادية

يمضي الميزان التجاري للتجارة الخارجية السعودية في مسار إيجابي، يتماشى مع الحراك الاقتصادي العام في البلاد، ولا سيما قطاعات ومحطات "رؤية المملكة 2030". وكل خطوة إيجابية في هذا المجال، توفر دفعا جديدا للوصول إلى الأهداف العامة كلها، خصوصا فيما يختص التجارة، التي تعتبر واحدة من ركائز الاستراتيجية الاقتصادية.&

ومن هنا، فإن الميزان التجاري في النصف الأول من العام الجاري سجل نقلات نوعية، في مقدمتها ارتفاع نسبة الصادرات غير النفطية. وهذه النقطة على وجه الخصوص، تدفع محرك تنويع مصادر الدخل إلى الأمام بسرعة أكبر. والحق أن هذا القطاع على وجه الخصوص سجل ارتفاعات مطردة في الفترة السابقة، ومن المتوقع أن يسير على النهج التصاعدي نفسه في المرحلة المقبلة. والفائض الذي تحقق في النصف الأول بلغ أكثر من 277 مليار ريال، مرتفعا بنسبة 91.6 في المائة وهذا مستوى مرتفع بالفعل، إذ بلغت الزيادة أكثر من 144 مليار ريال. في حين ارتفعت التجارة الخارجية 146.7 مليار ريال لتصل إلى 766.2 مليار ريال.&

واللافت أن ذلك تم في وقت زادت فيه الصادرات بنسبة 38 في المائة، في حين أن الواردات لم ترتفع بأكثر من 1.1 في المائة. ولا شك أن ارتفاع أسعار النفط في الفترة المذكورة متأثرا بالحفاظ على اتفاق خفض الإنتاج العالمي، أسهم مساهمة مباشرة في زيادة الإيرادات 34 في المائة لتبلغ 410 مليارات ريال.&

وهنا تكمن أهمية الاتفاق النفطي المشار إليه، الذي تقوده المملكة في الواقع، وتعمل على الحفاظ عليه في المرحلة المقبلة. وبالنظر إلى الصادرات غير النفطية، فإنها حققت تقدما ملموسا في الأعوام الثلاثة الماضية، لتبلغ العام الماضي 190.5 مليار ريال بزيادة 8.9 في المائة عن قيمتها في العام الذي سبقه.&

وفي كل الأحوال، فإن المسار الراهن للتجارة الخارجية السعودية يدل على مزيد من التحولات الإيجابية في المرحلة المقبلة، كما يؤكد أن عمليات تنفيذ محاور "الرؤية"، تحقق مكاسب آنية وأخرى مرتبطة بالمديين المتوسط والبعيد. حراك الإنتاج في المملكة يشمل كثيرا من الجوانب، بما فيها السلع التي يعاد تطويرها في السعودية، إلى جانب "طبعا" تلك التي يتم تصنيعها محليا بالكامل.&

وهناك مشاريع عديدة في هذا المجال، تصب مباشرة في القدرة التصديرية السعودية في المستقبل، بما في ذلك تقدم شركات عالمية من أجل العمل في قطاع الإنتاج السعودي، ولا سيما في ظل القوانين التي تشجع ذلك بقوة. وبالمحصلة يمثل الميزان التجاري السعودي مؤشرا مهما على مختلف الأصعدة، مع الأخذ في الاعتبار الخطوات التي تحققها البلاد على صعيد تنويع مصادر الدخل، وفي مقدمتها تلك المرتبطة بالإنتاج والتصدير، الأمر الذي سيرفع تلقائيا حصة الصادرات غير النفطية ضمن نطاق التجارة الخارجية. دون أن ننسى أيضا بالطبع، المساهمة الفعالة لارتفاع أسعار النفط، التي أسهمت مباشرة أيضا في رفع معدل الفائض إلى مستويات مقبولة في هذه المرحلة بالذات. ومن المتوقع، أن يشهد النصف الثاني من العام الجاري تقدما في هذا المجال، لأسباب تعود إلى التحولات الاقتصادية الراهنة. ما يعزز مباشرة أيضا المسار الحقيقي للاستراتيجية الاقتصادية التنموية الوطنية، ويدعم المسارات الأخرى فيها. إنها عملية اقتصادية شاملة تضم التجارة والإنتاج والتصنيع، وتؤسس لمزيد من التقدم لتحقيق الأهداف كلها.