&علي سعد الموسى& &

بكل قوته الضاربة وسيطرته على كل فضاءات إعلام العرب، ومع هذا لم يستطع كارتيل الإعلام السعودي أن يقرأ لنا القصة والحياة الخاصتين برأس الإرهاب العالمي،

بكل قوته الضاربة وسيطرته على كل فضاءات إعلام العرب، ومع هذا لم يستطع كارتيل الإعلام السعودي أن يقرأ لنا القصة والحياة الخاصتين برأس الإرهاب العالمي، أسامة بن لادن. لم يستطع أحد من بيننا أن يصل إلى الدائرة العائلية ليسرد لنا من فم أهله قصة التكوين لشخصيته وهي قصة حزينة ومخيفة في ذات الوقت وفيها عبرة واعتبار ودروس هائلة لآلاف الشباب وآلاف الأسر، من الذين وقعوا في هذا التيه والضلال أو حتى للذين لا زالوا في المنطقة الرمادية بين الحق والباطل. كتبت عن بن لادن عشرات الكتب وأضعافها من الأفلام الوثائقية وسوادها الغالب، بل كلها تقريباً بالإنجليزية. لكنهما اثنان فقط استطاعا رسم صورة التكوين والنشأة وأسباب الانحراف الجارف في حياته. أستعيد هذه القصة القديمة جداً حين قرأت الأسبوع الماضي لقاء والدة أسامة بن لادن مع مراسل صحيفة «الغارديان» في أول ظهور إعلامي لها مع ولديها من زوج آخر. أم تتحدث ببكاء وحرقة وألم صارخ عن اختطاف طفلها، الشاب فيما بعد، ثم تعيد ذلك السؤال الذي تسأله كل أم عاشت ظروفها: لماذا لا تحاكموا أباطرة الاختطاف الفكري الذين كانوا سبباً في هذا العذاب التاريخي لي ولكل أم؟
تعترف في المقابلة الحزينة أنها فقدت نجلها يوم دخل مقاعد الدراسة في جامعة الملك عبدالعزيز، وعلى يد جماعة الإخوان المسلمين، وعلى لسانها أعرف أول مرة أن «العراب» عبدالله عزام كان أستاذا بالجامعة. وحين تسرد أم أسامة تفاصيل تلك الأيام فكأنها تريد أن تسأل: هل لا زالت الجماعة بالجامعة؟
يقول مراسل الغارديان: كانت أمه تهرب من سرد تلك الأعوام الجامعية لنجلها مفضلة أن تتحدث عنه كطفل بريء لماح ووسيم. وعندما غالبها الحزن هربت إلى الغرفة المجاورة.
في كتاب آخر، تحدث ستيف كول في كتابه الفائز بجائزة «البوليتزر» عن «بن لادن» بتفاصيل تستحق ألف وقفة. إنه الطفل الضحية لكل شيء. زواج الوالدين ثم ظروف الانفصال وتركيبة وحجم الأسرة والبعد والحرمان العاطفي، وأشياء كثيرة جداً لا أستطيع تحليل نتائجها احتراماً لهذه الأسرة الفاضلة. يتحدث الكتاب عن بعض ظروف التكوين عندما كان ابن لادن يذهب مع أمه إلى أخواله في مدينة اللاذقية السورية. أترجم لكم «كان أسامة طفلاً يستيقظ مبكراً ثم يسبح في البحر إلى جزيرة صغيرة معزولة قبالة الشاطئ وحيداً حتى يعود بعد المغرب» اللقطة وحدها تكفي لفهم قسوة النشأة. انتهت المساحة.

&