علي سعد الموسى

في هذا الشرق الذي يتوسط خارطة الدنيا ماذا يمكن لي أن أكتب في الترحاب بالعنوان بعاليه. لا جديد. نفس الأورام السرطانية التي كانت هنا قبل عام. حسناً، سأختصر ذات الفكرة التي كتبتها في استهلال العام الذي سافر منتصف البارحة: امرأة عربية شابة تحاور جارتها الكندية في مدينة تورونتو عن مخاوف الأخيرة من تقلبات المستقبل فتجيب: أخشى من التغيرات المناخية على مستقبل طفلتي فلا تجد هواء نقياً مثلما كان لي في طفولتي القديمة. وبالطبع فقد عادت هذه المرأة العربية إلى شرقها الأوسط الكئيب فلا أحد هنا يسأل عن مستقبل المناخ ولا انكماش الغابة. الحقيقة هنا أن تجد عبدالملك الحوثي إلى الجنوب والقرضاوي وخامنئي إلى الشرق، وإلى الشمال هناك حسن نصر الله، فيما لا زال أبوبكر البغدادي على قيد الحياة. بضعة من الهاربين إلى الكهوف والأقبية ولكنهم مصرون على أنهم مستقبل هذا الشرق وبشارات جنانه القادمة. تضحك حتى تخوم البلعوم عندما تسمع سماحة السيد عبدالملك يؤكد لآلاف المحتشدين أن أميركا إلى زوال، ثم يقسم أنه يرى ذلك على مرمى البصر. وقبله كان سماحة سيد آخر يقسم أنه يرى حجاب الخليفة المزعوم بالعين المجردة. هذا هو العالم الذي علينا أن نعيش فيه، وهذا هو العام المكتوب أن نعيشه بين هذه المخلوقات المخيفة. غيرنا يخشى على أطفاله من تقلبات المناخ ونحن نخشى على أطرافهم من بتر القنابل.
حسناً، ما هي الأمنية التي كنت سأكتبها كطلب إلى العام الجديد؟ والجواب أن يتمهل قليلاً ليمنح هذا الشرق إجازة قصيرة. من حقنا هنا أن نعيش فترة حرة لا هي من العام المغادر ولا من أيام العام الجديد. من حقنا هنا أن نرتاح قليلاً من تدوين بطولاتنا «التاريخية» فلا نكتب لها نهايات ديسمبر ولا بدايات يناير. من حقنا أن ننام قليلاً في هدوء ودعة فلا نحن في العام 17 ولا أيضاً في 18. نحن أمة أزعجت هذا التاريخ وسطرت فيه كل ملاحمها الأسطورية منذ أيام العرب الغابرة في داحس ومنذ أيام الناقة الغبراء، وحين ازدحمت علينا تواريخ الأيام لم نجد لبعض السنين من الأسماء غير البعير والناقة. اليوم من حق العرب أن يتباطأ العام الجديد لشهر واحد كي يرتاح كل هذا العالم الفسيح من زحمة الأخبار العربية. أن نذهب إلى فاصل إعلاني ما بين عامين لم نذهب أبداً إليه منذ أيام جذيمة الأبرش حتى يوم الحوثي عبدالملك.