فهد عريشي 

المبادرات من كافة الجهات ستخلق فرصا تطوعية ضخمة في وطننا الشاسع، ليس في مناطقه المتفرقة فقط، بل بقلوب أهله المحبة للخير والمستعدة لمساعدة الآخرين

من أجمل الأعمال التطوعية السعودية التي شاهدتها في حياتي، هو مبادرة (سعودي مر من هنا) التي أطلقها مركز الملك سلمان للشباب، قامت المبادرة على فكرة استغلال تواجد المبتعثين السعوديين في كافة قارات ودول العالم، حيث قام مركز الملك سلمان للشباب بالتعاون مع وزارة التعليم بتقديم دعوة عامة لكل الشباب والشابات المبتعثين عبر الملحقيات الثقافية بإرسال أعمالهم التطوعية للمركز، وذلك للتنافس ليس من أجل الإعلان عن 5 أعمال فائزة فقط، بل لزرع ثقافة التطوع، وبالفعل بادر الشباب المبتعثون بإرسال مقاطع فيديو توضح أعمالهم التطوعية، وصلت إلى 200 مشاركة تحمل أعمالا تطوعية مختلفة من كافة الدول والقارات، من كندا وأميركا وإيرلندا وبولندا والصين واليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وأستراليا ونيوزلندا والأردن والكويت والبحرين وغيرها من الدول، وكانت دوافع الأعمال التطوعية مختلفة، ولكن الغالبية كان دافعهم نقل صورة إيجابية عن الشباب السعودي، وحبهم لعمل الخير، وكانت أعمالهم التطوعية في مجال خدمات اللاجئين، ورعاية الأطفال، والصحة والتعليم، وتقنية المعلومات. 
أسعدني جدا فوز زملائي المبتعثين من الصين «محمد عسيري، وعبيدالله القثامي، وإبراهيم الزعاقي، ومحمد كريري، وعبدالعزيز الدوسري، ورائد العمار» الذين شاركوا عبر فريق «لست وحدك»، حيث قاموا بزيارة أحد مراكز الأيتام في مقاطعة خونان بالصين، وقاموا بجولة فيها لتفحص احتياجاتهم من أجهزة كهربائية وملابس وغيرها، وقاموا بتوفيرها لهم، وشاركوهم في بعض الأعمال الرياضية والألعاب التفاعلية، في عمل جميل جدا لا أعتقد أنه سينساه أيتام ذلك المركز، وقام فريق من المبتعثين في نيويورك بالولايات المتحدة بعمل تطوعي بإصلاح منزل سيدة مقعدة، وتسهيل حياتها بتركيب مسار لكرسيها المتحرك، وأيضا من كليفلاند قام فريق من المبتعثين هناك بمبادرة «مهندسو المستقبل»، حيث شاركوا الأطفال الفقراء في معلومات عبر الترفيه وترك أثر في قلوبهم وأذهانهم، الجميل في مبادرة مركز الملك سلمان للشباب «سعودي مر من هنا» أنها منافسة سنوية ومستدامة وعام 2017 هو الموسم الأول لها، وفي المواسم القادمة ستكون هناك مشاركات أكثر وأعمال تطوعية أكبر تنشر سمعة طيبة للشاب السعودي المبتعث في كافة دول القارات ودول العالم.
رؤية السعودية 2030 لم تغفل جانبا مهما من جوانب تطوير المملكة، وهو جانب العمل التطوعي، حيث تطمح السعودية من خلال رؤيتها 2030 إلى تطوير مجال العمل التطوعي، ورفع نسبة عدد المتطوعين من 11 ألفا فقط إلى مليون متطوع قبل نهاية عام 2030. ولذلك فإن رفع أعداد المتطوعين يحتاج إلى المزيد من المبادرات، مثل مبادرة الملك سلمان للشباب، والتي أتمنى أن أرى مثلها لتشمل كافة القطاعات، ونرى لكل قطاع سواء كان خاصا أو حكوميا أو عسكريا أو على مستوى الشركات والبنوك مبادرات تطوعية تخدم المجتمع السعودي وتنشر ثقافة العمل التطوعي بين أبناء هذا الجيل والأجيال القادمة، ونخرج من دائرة الاكتفاء بالأعمال التطوعية على الطرق التقليدية كمساعدة الفقراء ورعاية الأيتام وزيارة المسنين، بل يجب علينا استحداث برامج تطوعية مهمة، مجتمعنا في أمس الحاجة إليها، مثل برامج تطوعية لدعم المخترعين، والمتفوقين دراسيا، واستحداث وظائف للعاطلين، ودعم المؤلفين الشباب وطباعة كتبهم، وتعليم الموسيقى، والفن والتصوير، والتدريب على تعلم لغات جديدة، وغيرها من البرامج التطوعية التي يجب أن نستحدثها حسب احتياجات مجتمعنا، بعيدا عن التقليدية التي تقتل روح العمل التطوعي وتفقده معناه الحقيقي. 
المبادرات من كافة الجهات ستخلق فرصا تطوعية ضخمة في وطننا الشاسع، ليس في مناطقه المتفرقة فقط، بل بقلوب أهله الكبيرة المحبة للخير والمستعدة دائما للعمل التطوعي ومساعدة الآخرين.