أحمد الفراج

قبل أيام، قال زعيم كوريا الشمالية إن زر السلاح النووي على مكتبه على الدوام !، وهذا متوقع من هذا الزعيم الديكتاتوري، الذي لا يمكن التنبؤ بما سيفعل، والذي يحكم قبضته الحديدية على بلد منكوب، تحكمه قوانين صارمة لا يوجد لها مثيل، حتى في الاتحاد السوفييتي والصين إبان الحكم الشيوعي، ومشكلة هذا الزعيم الغامض أنه يصعب التعامل معه حتى من حلفائه، ناهيك عن خصومه الغربيين، وقد تعدى مستوى بطشه كل ما فعله والده، حتى بات الصمت هو الخيار الوحيد لأي مواطن يرغب في الحياة، ولا شك أنه يمثل تهديدا للعالم أجمع، فالسلاح النووي كفيل بتحييد أي خصم، مهما بلغت قوته وجبروته، حتى ولو كان خصما بوزن الولايات المتحدة، وبالتالي يتوجب التعامل مع مثل هذا الزعيم بحكمة بالغة.

الرئيس الأمريكي ترمب تفاعل مع تصريح زعيم كوريا الشمالية، وغرد من حسابه على تويتر قائلا: «يقول زعيم كوريا الشمالية أن الزر النووي موجود على مكتبه طوال الوقت.. على فريق العمل لديه أن يخبره أن لديّ أيضا زر نووي، وهو زر أكبر وأقوى مما لديه ويعمل بكفاءة!»، وبما أن ترمب هو رئيس أمريكا، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية، أعظم قوة عسكرية عرفها التاريخ، فإن تغريدة منه، مثل هذه التغريدة، كفيلة بأن تقض مضاجع العالم، وهو الأمر الذي حدث، فقد عاد ملف كوريا الشمالية للواجهة، وتفرغت وسائل الأعلام الأمريكية للحديث حول تغريدة ترمب، وعما إن كان من الحكمة أن يُصعِّد الرئيس الأمريكي مع زعيم كوريا الشمالية المتهور، وهناك شبه إجماع على أنه كان بإمكان ترمب التروي، والتعامل مع الأمر بحكمة أكبر، واستشارة كبار أركان إدارته المختصين، قبل أن يكتب مثل هذه التغريدة.

في المقابل، لا زال ترمب يعلن التحدي، ولا يلقي بالا لما يقوله ويكتبه المعلقون، فهو على عداء مع الإعلام، ويسميه الاعلام الكاذب، ولا يثق في رؤية معظم الإعلاميين، بل ربما يتوقع أنهم يخدعونه، وهو محق في ذلك، حسب أي منصف يتابع الحملة الإعلامية الشرسة عليه، منذ أن دخل البيت الأبيض، وحتى قبل ذلك، وغني عن القول أن الرئيس الأمريكي هو وحده من يستطيع إعطاء الأوامر باستخدام السلاح النووي، وعندما يفعل ذلك، يكون الأمر ملزما للجيش الأمريكي، ومن هنا تأتي خطورة الأمر، وهو لا يعطي الأمر باستخدام السلاح النووي إلا بعد أن تطرح عليه الاستشارة اللازمة من المختصين العسكريين، ولكنه ليس ملزما برأيهم، ومع أنني أستبعد تماما أن يأمر ترمب باستخدام السلاح النووي، إلا أن مجرد التلويح بذلك والحديث عنه يسبب الرعب، إذا ما أخذنا في الاعتبار طبيعة هذا العالم المتوحش الذي نعيش فيه، وجنون زعيم كوريا الشمالية، وطبيعة شخصية ترمب ذاته، التي يعتقد بعض المعلقين المحايدين أنها متهورة، وقد يتم استفزازها بسهولة، فلنتابع ونترقب!.