يعتمد النظام الإيراني في قمع الاحتجاجات المستمرة منذ 10 أيام، على تجاربه في قمع «الانتفاضة الخضراء» عام 2009، وكذلك انتفاضة الطلبة عام 1999، إضافة إلى مشاركته في ضرب التظاهرات السلمية في سوريا، لكن استمرار الاحتجاجات والمسيرات، أظهر أن لدى المنتفضين أيضاً تجارب وتكتيكات جديدة تسهم في استمرار جذوة الاحتجاجات مشتعلة. وتعمد أجهزة النظام الأمنية المتعددة، حالياً إلى شن «اعتقالات عشوائية» يرمي للتخويف، واعتقالات ممنهجة للناشطين الذين قد يلتحقون بالتظاهرات ويشاركون في تنظيمها كالطلاب الذين احتجز العشرات منهم وبينهم قيادات طلابية، إضافة إلى بعض الصحفيين.

وفرض النظام التهدئة على الأجنحة المتصارعة في أوساطه السياسية، وطلب منهم إدانة الاحتجاجات، وهذا ما فعلته حكومة الرئيس حسن روحاني والمتشددون وأيضا الإصلاحيون، من خلال إصدار بيانات إدانة خاصة زعيم التيار الإصلاحي محمد خاتمي، بينما التزم الرئيس السابق المتشدد محمود نجاد وأتباعه الصمت لحد الآن، ما دفع «الحرس الثوري» أن يتهمه بالتورط في الاحتجاجات أو أنه راضٍ عنها على الأقل كجزء من الضغط على هرم النظام الذي اختلف معه بشدة خلال الآونة الأخيرة. كما بدأ النظام بتكتيك «التنفيس» عن الضغط حيث أتى بمساعد السلطة القضائية في مقابلة مباشرة على التلفزيون الرسمي على شكل منتقد لحكومة روحاني، واتهم الإذاعة والتلفزيون التابعة للمتشددين، بالأكاذيب الممنهجة وعدم نقل آراء الناس، في محاولة لامتصاص غضب الشارع. من جهته، طلب النائب الإصلاحي محمود صادقي التراجع عن رفع أسعار الوقود والسلع الأساسية والتقليل من نفقات الحكومة لسد العجز. بالمقابل، وجد المحتجون «الترياق» من خلال تطوير تكتيكات جديدة ساعدتهم على تنفيذها تقنيات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الجديدة عبر الهواتف النقالة التي لم تكن موجودة في «الانتفاضة الخضراء» عام 2009، حيث تمكنوا خلال الأيام الأخيرة من تغيير ساعات التجمعات وأماكن الانطلاق وتحديد حركة المسيرات. وبدأت تتكون مجموعات صغيرة وكبيرة لا تشارك بشكل مباشر في التجمعات، وتحافظ على نفسها قدر الإمكان، وتركز على التصوير وتوثيق الأحداث وإرسالها إلى الإعلام الخارجي أو نشرها عبر مواقع التواصل، وهذا ما يفسر استمرار انتشار المقاطع والصور من مختلف أماكن الاحتجاج. ويظهر تتنوع أساليب الاحتجاج، تطور التكتيكات لدى منظمي الاحتجاجات، كما تطورت الشعارات وتنوعت وتطلب من الآخرين الالتحاق بالمنتفضين.