خالد أحمد الطراح

لستُ بصدد استعراض دراسة علمية حول الجينات ودورها في تطوّر الإنسان وجوانب الانثروبولوجيا في المجتمع، لكن من الممكن استخلاص، من خلال ما نعرفه اجتماعيا عن بعض السلوكيات والطباع لأفراد واسر، أن ثمَّة توارثاً فعلياً لجينات تسيطر على البعض، مما يدفعهم الى المكابرة والعناد والاعتقاد بأنهم على صواب، والآخرون على خطأ!
في الكويت كدولة صغيرة ذات تقاليد وعادات، تبرز المعرفة عند المجتمع الكويتي والخليجي والعربي أيضا عن بعض الافراد والأسر التي تتميّز دون غيرها ببعض السلوكيات والطباع الاستثنائية.
فمثلاً هناك من هم معروفون بالطيب والكرم والتلاحم والألفة، وهناك من هم على العكس تماما الى درجة الاتفاق المجتمعي عليهم بأنهم اصحاب جينات وحدة كالأنانية وحب الذات والعناد والمكابرة في الصغيرة والكبيرة حتى يبلغوا مثواهم الاخير!
من الحكايات الشعبية الطريفة التي تناقلها الاجداد والآباء، وكذلك، جيلنا الذي كان قريبا مع جيل الماضي البعيد ان هناك من سكن بعض مناطق الكويت القديمة كمنطقتي الشرق والقبلة، ان هناك فئة تعتقد ان سكان منطقة معيّنة تتفوّق على الاخرى، والعكس بالنسبة الى الآخرين من سكان المنطقة الأخرى، لكنها مجرد حكايات عامة لا تعكس الواقع الكويتي المتسامح ذا النسيج الواحد.
مع تطور الحياة خصوصا على الصعيد السياسي الذي شهد، للأسف، تراجعا وربما الكلمة الانسب تخلفا، برزت ظواهر سلبية جدا نتيجة المحاصصة الاجتماعية والعرقية التي انتهجتها الادارات الحكومية.. من بين بعض المواقف، أتذكر ان هناك شخصيات تقلّدت مناصب وزارية ووقف ابناء العائلة او الاخوة تحديدا مع الوزير الجديد لتلقي التهاني بالتوزير في مكتب الوزير، اي الوزارة وليس المنزل او ديوان العائلة حتى تبدو الامور اكثر قبولا من الناحية الشكلية الاجتماعية، في حين توارث آخرون ممن يتميزون بالأنفة مناصب رسمية، وساروا ضد التيار والمصلحة الوطنية، في وقت وقفت الجهات الرسمية وقفة المتفرج وسايرت جينات انانية!
نيابياً، لم تخلُ هذه الساحة من طرائف ومواقف ساخرة حين تستمع لصوت نائب يكاد يجيد التعبير عن رأيه بلهجة كويتية مفهومة او حتى لغة عربية في حين نجد ايضا من رشّح نفسه للانتخابات، وهو لا يملك ملكة الحوار والحديث، ويسيطر عليه التلعثم في تسطير الكلمات البسيطة، وحين لا يحالفهم الحظ في النجاح نجدهم فجأة في منصب قيادي في الدولة ونيلهم شهادة الدكتوراه في تخصص لا علاقة لهم فيه من بعيد او قريب!
أما حين يتم الترجل اجباريا عن المقعد النيابي او القيادي عند البعض، فنجدهم يلجأون الى وسائل الاعلام، مدعين البطولة والانتصارات والانجازات، معوّلين على نسيان ذاكرة المواطن عن سيرتهم وأدائهم، حتى لو كان هناك شهود عليهم بالعشرات!
من المفارقات ان هناك البعض الذي ينتقد حصر الوزارات السيادية بالشيوخ أو توارثها، في حين يتم تجاهل رغباتهم الأنانية كليا في توارث النفوذ والمناصب!
هكذا تستمر الأحوال حين تعمّ الفوضى ويسود الارتجال ويصنع البعض مستشارين إعلاميين، وهم أساسا حرّاس أمن في الصحف سابقاً!