محمد اليامي 

قرارات دعم المواطن عسكرياً على الجبهة في الخطوط الأمامية، وموظفاً، ومتقاعداً، وطالباً في الجامعة، ومستفيداً من الضمان، ومشترياً للسكن، أو متعاملاً مع المدرسة أو المستشفى الأهلي، جاءت لتؤكد عمق الرؤية السعودية ونظرتها الأشمل إلى المصلحة العامة.

بدل غلاء المعيشة لأكثر من فئة والذي تفاعل معه القطاع الخاص تم تحديده لمدة عام واحد فخطر لي أن أسميه «عام التوازن»، لأن من يستثمره في طريقة تفكيره ومعيشته سيخف عليه الأثر المتوقع من التطورات الاقتصادية في السعودية.

الحصيف من السعوديين هو من سيجعل هذا العام منعطفاً مهماً في تغيير نمط حياته ليتسق مع التغيرات الجديدة، ويخرج من عاداته «الذهنية» أو «الجمعية» في ما يتعلق بالاستهلاك والتي اتكأت لفترة ليست بالقصيرة على «الرعوية» الحكومية.

يبدو واضحاً أن الحكومة السعودية لا تنظر فقط إلى حاضر الناس ورفاههم الحالي، لكن نظرتها الأشمل والأعمق هي إلى مستقبل الأيام، وأسعار الطاقة بجميع أنواعها مثلاً هي جزء من هذه النظرة لتحقيق التوازن واستدامة القوة الاقتصادية التي ستنعكس على الناس.

إذا كان القرار الاقتصادي الاستراتيجي المتسق مع الرؤية الجديدة اقتضى بعض التغييرات التي تعتبر «شراً لا بد منه»، فإن القرار السياسي بملامحه «السلمانية» رأى أن يقدم العون للناس في مرحلتهم الانتقالية، وأن يضيف إلى الاقتصاد نحو 50 بليون ريال في سنة تحرك الطلب، وتوازن النمو، وتحجم من التضخم، لتنضم إلى 72 بليون ريال خصصت لعدة برامج تدعم القطاع الخاص الذي يبدو أنه سيكون المستقبل وظيفياً واستثمارياً وعلى الجيل الجديد من السعوديات والسعوديات الوعي بذلك والعمل به.

من المهم في هذه «الفرصة» التي رسمها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ونفذها ومنحها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن لا تكون بمثابة المخدر بل تكون بمثابة المنبّه لأهمية الوعي المالي، وكيفية الإنفاق، وإعادة ترتيب أولويات الاستهلاك بالتركيز على الضروريات، وجودة الاقتناء، وتحسين مستوى الحياة عبر إعادة نمطها إلى جادة المعنى، وإبعادها عن جادة المادة والقشور.

من الضروري أن يتحسن مستوى التوعية في المنابر والمدارس، والتربية في البيوت وفي المدارس أيضاً، فالواقع يقول إن أسعار الطاقة لن تعود، وبعض الضرائب ستستمر، والحكومة قد تدعم الناس عاماً، وربما عامين، لكنها عملياً وتنفيذياً لن تستطيع المداومة على ذلك.

أيضاً ربما يجدر الانتباه إلى أن الإخوة والأصدقاء من المقيمين إقامة نظامية لن يطاولهم أي دعم، وبالتالي ستتغير خريطة وجودهم في قطاعات الأعمال وسيصبح البقاء لمن هناك فعلاً حاجة ماسة له، أو لديه القدرة على دفع قيمة الأشياء والرسوم، وكل هذا يصب في مصلحة تنافسية الأيدي العاملة المواطنة في المستقبل.

لهج السعوديون بالشكر المستحق والثناء الواجب لقيادتهم التي تلمست أوضاعهم بحنكة واضحة وحنان أبوي معهود، وبدت بوادر خطاب واعي في الانتشار بينهم أهم ملامحه عدم الاستماع إلى غير صوت الوطن وقيادته، والاستعداد للسنوات المقبلة في شكل أكثر لياقة وقوة.