فايز رشيد

أقرّ الكنيست «الإسرائيلي» بالقراءة التمهيدية مشروع قانون فرض حكم الإعدام على المقاومين الفلسطينيين، هذا القانون الذي سيجري تنفيذه بعد الموافقة على قراءته الثالثة. للعلم العدو «الإسرائيلي» منذ إنشائه قسرياً عام 1948 انتهج سياسة قتل الفلسطينيين وارتكاب سياسة الإبادة الجماعية بحقهم وحق أبناء الأمة العربية، حتى باتت هذه السياسة سمة مميزة لهذا الغاصب.

ولندع الأرقام تتحدث: لقد وثقت الجهات المعنية الفلسطينية استشهاد 42 ألف فلسطيني قتلتهم دويلة «إسرائيل» منذ عام 1967 حتى أواخر يوليو 2017. ومن بين الشهداء 10969 شهيداً منذ الانتفاضة الأولى عام 1987 وحتى حينه. وأنه خلال فترة الحروب على غزة استشهد 3812 فلسطينياً منهم 900 طفل، وخلال الفترة الممتدة من عام 1992 حتى اليوم قتل 13 صحفياً و4 من العاملين في الإعلام بأيدي قوات الاحتلال. نتساءل: ألا تثبت كل هذه الأرقام بما لا يدع مجالاً للشك حقيقة سياسة هذا العدو الفاشي الهادفة إلى محاولة إبادة شعبنا بقانون أو بدونه؟.


لقد طُرح مشروع القانون منذ أكثر من عامين ونصف العام لأول مرّة، من قبل وزير الحرب الفاشي أفيجدور ليبرمان. وحول خطورة سن هذا القانون، نشرت صحيفة «هآرتس» (الخميس 4 يناير 2018) تقريراً قالت فيه «إن سن هذا القانون سيؤدي إلى موجة عمليات اختطاف يهود في أنحاء العالم، من أجل مبادلتهم بأسرى محكومين بالإعدام». وأكدت الصحيفة أن «الشاباك» عرض موقفه الرافض للقانون على الحكومة وعلى المجلس الوزاري المصغر للشؤون العسكرية والسياسية. وفي خطابه أمام الكنيست اعترف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بوجود خلافات، وأن هناك اعتراضات للمستويات المهنية (يقصد الجيش والمخابرات ووزارة القضاء) إلاّ أنه قال إن من يقرر فرض القانون هو المستوى السياسي، مشدداً على تأييده الكامل لفرضه.
للعلم، علينا الأخذ بعين الاعتبار أن الرافضين للقانون ينطلقون في خلفياتهم من النقاط التالية: أن إقرار هذا القانون سيفاقم من الإشكالات الأمنية لدولة «إسرائيل»، وأن القانون سيعمل على تخليد الفلسطينيين الذين سيعدمون بموجبه، وسيثير القانون غضباً عالمياً على «إسرائيل»، كما أن القانون سيدعم الاتجاهات القائلة بلا ديموقراطية دويلة «إسرائيل» رغم ادعائها والأوساط العالمية المؤيدة لها بأنها الدولة «الديمقراطية» الوحيدة في المنطقة.


لقد ندد الاتحاد الأوروبي بمشروع «قانون الإعدام». ووصفت سفارة الاتحاد الأوروبي لدى «إسرائيل» هذه الخطوة بأنها «مهينة وتتعارض مع الكرامة الإنسانية» وقالت في بيانها إن الإعدام «قصاص لا إنساني ومهين، وليس له أي تأثير رادع». وأضافت أنه «يسمح بحدوث وضع قد يرتكب فيه القضاء خطأ قاتلاً لا عودة عنه». إن هذه الخطوة تعد امتداداً لتصعيد سلطات الاحتلال من إجراءاتها التعسفية ضد المواطنين الفلسطينيين وانتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي والمواثيق والبروتوكولات والعهود الدولية الخاصة بمبادئ حقوق الإنسان.
إن ما يجري في الكنيست هو جزء من حملة سن القوانين والتشريعات العنصرية، التي من شأنها تعميق سيطرة اليمين المتطرف واليمين الأكثر تطرفاً والمستوطنين على مفاصل الحكم في «إسرائيل»، وهي أيضاً تعميق لنظام فصل عنصري بغيض تنتهجه سلطات الاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة سواء عام 1948 أو في عام 1967 في استهداف صريح وواضح للأرض الفلسطينية وللوجود الوطني والإنساني في فلسطين. 
ما نؤكده لدولة العدو، والقائمين عليها إن سن قانون الإعدام لن يرهب شعبنا ولن يخفف من مقاومته حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني.