وحيد عبدالمجيد 

دعا السيد عمرو موسى إلى وضع فكرة الدولة الواحدة للفلسطينيين والاسرائيليين على مائدة المفاوضات إلى جانب خيار حل الدولتين. وهو يرى أن الممارسات الاسرائيلية التى تغلق الطريق أمام هذا الحل تفرض اعلان مبادرة اجرائية مؤداها إما دولة فلسطينية مستقلة, أو دولة واحدة, مع تحديد اطار زمنى واضح.

وواضح فى مقالته المهمة, التى طرح فيها هذا التصور, أنه يعرف مدى رفض اسرائيل كل خيارات السلام العادل. ويجب الاّ يغيب عنا أيضاً أن رفضها فكرة الدولة الواحدة أقوى بسبب ادراكها أن الاسرائيليين اليهود سيكونون أقلية فيها حسب أى تقدير للميزان الديموجرافي, إن لم يكن اليوم, فبعد سنوات قليلة.

ولذلك يصعب اعتبار فكرة الدولة الواحدة خياراً تفاوضياً فى الوقت الراهن. ولكنها يمكن أن تفرض نفسها بعد سنوات فى حالة تسوية الصراعات المشتعلة فى المنطقة الآن, وتراجع الأخطار المقترنة بها, وفى مقدمتها تمكين الارهاب من ايجاد بيئات مواتية للتجنيد والانتشار. وفى هذه الحالة, يمكن ان يصبح الصراع الفلسطينى الاسرائيلى هو الأكثر خطراً, وخصوصاً إذا أدى الجموح الاسرائيلى المتزايد إلى تصاعده وتديينه, واستغله الارهاب, وصار مصدر تهديد رئيسيا للعالم. وهذا احتمال كبير بالفعل. كما أن بلوغ هذا الصراع مستويات أعلى ينطوى على أشكال أخرى من التهديد بدأت مقدماته فى الظهور. ولنتأمل مثلاً موقف ادارة مهرجان سنغافورة للأفلام الفلسطينية عندما منعت قبل أيام عرض فيلم عن الفتاة الفلسطينية عهد التميمى التى صارت أيقونة للمقاومة. فقد بررت منعه بأنها تخشى أن يخلق انقساماً وتناحراً بين الأديان والقوميات فى سنغافورة.

والمتوقع, إذن, أن يعود هذا الصراع إلى بؤرة الاهتمام فى العالم مجدداً, وبدرجة أعلى من أى وقت مضي, وأن يصبح المجتمع الدولى فى حاجة إلى حل له. وحينئذ سيكون حل الدولتين قد بات مستحيلاً, الأمر الذى سيجعل فكرة الدولة الواحدة هى المخرج الوحيد.

فليتنا نستعد من اليوم, ونعرف أن هذا لن يكون حلاً عادلاً فى البداية, لأن اسرائيل ستفرض عند ارغامها عليه اجراءات فصل عنصرى صارمة وقاسية. ورغم ذلك سيكون فى امكان الفلسطينيين مقاومتها, وتغييرها تدريجياً, واسقاط الفصل العنصرى فى النهاية كما حدث فى جنوب إفريقيا, ولكن فى وقت أقصر على الأرجح.