فهد عامر الأحمدي

نعرف بيل غيتس كـأغنى رجل في العالم، ولكننا لا نعرفه كمهندس ومؤلف ومبرمج وخبير بتقنيات المستقبل..

في العام 1999 نشر كتاباً يدعى "أعمال بسرعة الفكر" نشر فيه توقعاته عن التقنيات والخدمات التجارية التي ستظهر مستقبلاً من خلال شبكة الانترنت.. لم تكن نبوءاته صادقة فقط، بــل تحققت بسرعة وأصبحنا نعيشها فعلاً (هذه الأيام)..

ومن النبوءات التي توقعها في كتابه (Business at speed of Thought) وتحققت بين عامي 1999 و2018 فقط:

أن كل إنسان في المستقبل القريب سيحمل جهازاً ذكياً يصله بالعالم وينجز من خلاله أعماله الخاصة.. وهذا ببساطة ما ندعوه اليوم "هاتف ذكي" و"ساعة ذكية".

كما سيملك كل شخص موقعاً إلكترونياً يعبر من خلاله عن آرائه ويعرض فيه منتجاته ويكسب من خلاله المال.. وهو ما تحقق اليوم من مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر والانستغرام والسنابشات.

كما ستظهر مواقع تتيح للناس البحث عن وظائف تناسب مهاراتهم، وتتيح للشركات البحث عن المواهب والتخصصات المميزة.. وهذا الدور تقوم به حالياً مواقع متخصصة مثل LinkedIn.

وفي قطاع السياحة؛ سنتمكن من الحصول على التذاكر والفنادق بأسعار مخفضة، وستظهر برامج وتطبيقات ترشدنا لأفضل الأماكن والنشاطات التي تناسب ميولنا (وهو ما تحقق هذه الأيام).

كما سنساهم في تخفيض كافة السلع من خلال المقارنة بين أفضل الأسعار في الانترنت.. وهو ما تحقق حالياً من خلال المواقع التي تتنافس على بيع نفس السلعة (أو تقارن الأسعار بين عدة مواقع).

وستظهر تطبيقات ذكية تجمع (وتُزامن) الخدمات التي نحتاجها وتوفر علينا عناء متابعتها.. وهذا ما ندعوه اليوم "المساعد الشخصي" الذي أصبح (يتحدث) في معظم الهواتف الحديثة.

ورغم أن كاميرات المراقبة موجودة قبل نشر الكتاب، تنبأ غيتس بربطها بالانترنت والتحكم بها ومشاهدتها (عن بعـد) وهي تقنية تستخدمها اليوم في منشآت ومنازل كثيرة.

كما ستختفي الإعلانات الجماعية ويتم استبدالها بإعلانات فردية تناسب كل إنسان بحسب اهتماماته الشخصية (التي تم جمعها من خلال زياراته للمواقع أو بحثه عن كلمات معينة).

كما ستتراجع مكانة التلفزيون أمام مواقع الفيديو وستضطر المحطات التلفزيونية لربط نفسها بمواقع التواصل الاجتماعي (وها هي اليوم تدعونا لمتابعتها على اليوتيوب والانستغرام والسنابشات).

وبفضل هذه المواقع سيتحول المشاهدون إلى مراسلين يزودون الشاشات الإخبارية بالأحداث التي تقع أمامهم.. وهذا ما تتنافس عليه اليوم المحطات الإخبارية المتخصصة.

وشبكات التواصل الاجتماعي (عموماً) ستتحول إلى ساحات افتراضية لإبداء الرأي ونشر الحقائق وتنظيم الحملات الشعبية.. وهذا ما حدث أثناء الربيع العربي، وما يحدث هذه الأيام مع الربيع الإيراني.

.. وهذه أيها السادة مجرد أمثلة على ما جاء في كتاب بيل غيتس عن المتغيرات التي ستحدثها الإنترنت في عالم التجارة والمال وطريقة قيامنا بالأعمال..

وما يدهشني ليس أنها تحققت، بــل إنها تحققت خلال فترة قصيرة جداً تضاعفت خلالها التقنيات والتطبيقات والخدمات (لدرجة أكاد أجزم أن غيتس نفسه لا يكاد يصدق ما يحدث هذه الأيام).