القاهرة: «الخليج»
زعم محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير خارجية قطر، أمام منتدى دافوس، أنه يأمل «سد الفجوة بين الدوحة والقاهرة»، مستطرداً: «نعتقد أن الاختلافات التي بيننا ليست أساسية»، مضيفاً خلال الجلسة التي عقدت تحت عنوان: رؤية مشتركة للعالم العربي: «إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية عربية، فإن استقرار مصر مهم جداً للمنطقة، وإذا نظرنا إليه من منظور اقتصادي، فلدينا استثمارات في مصر، ونحرص على أن تكون استثماراتنا في بيئة مناسبة، فهذا من أولوياتنا».

ومن استمع إلى الوزير القطري، يدرك أن ما قاله ليس سوى «كلام فض مجالس»، أو «كلام الليل مدهون بزبدة، إذا طلعت عليه الشمس ذاب»، كما يقول المصريون؛ لأن الطريق إلى التقارب مع مصر معروف، ولا يحتاج إلى منتدى دافوس لبيع كلام بلا قيمة.

الطريق إلى مصر هو ذات الطريق إلى أبوظبي والرياض والمنامة، فكل هذه الطرق، ليست سوى طريق باتجاه واحد، فيه إشارة مرور واحدة، هي الشروط العربية ال13، وهو طريق لا يعرف المطبات أو المنحنيات، التي اعتادت عليها الدوحة، إنه طريق مستقيم، وكما يقول علماء الرياضيات: «الطريق المستقيم هو أقصر طريق بين نقطتين».

كان يجب على الوزير القطري، وهو يتحدث في دافوس، أمام نخبة العالم، أن يعدد محاور الخلاف أولاً، كي ينطلق منها إلى النتائج، لكنه قفز إلى النتائج، قبل تناول المقدمات، التي هي أساس الخلاف بين الدول العربية، الداعية إلى محاربة الإرهاب، وقطر.

ويدرك وزير خارجية قطر أن نقطة الخلاف بين بلاده والدول العربية الداعية إلى محاربة الإهاب، تكمن في جملة واحدة هي: «دعم قطر للإرهاب والمؤامرات الإقليمية والدولية ضد المنطقة العربية»، ولو أنه وعى هذه الجملة وفهمها، لما قال ما قاله استخفافاً بعقول العالم، فمن هذه النقطة المركزية للأزمة العربية القطرية مع القاهرة وغيرها من العواصم الأخرى، تتفرع تفاصيل الدور القطري التآمري كالتالي:

أولاً: العبث بالأمن القومي المصري
1 داخلياً: دعم قطر للتنظيمات الإرهابية بالمال والسلاح، وتوفير الملاذ الآمن والدعم السياسي والإعلامي لها، وإيواء قادة تنظيمات الإرهاب، ممن سعوا إلى هدم الدولة المصرية، وحرضوا واستخدموا العنف والإرهاب في أعقاب ثورة 30 يونيو، ضد الدولة والمجتمع، وأفراد الجيش والشرطة والقضاء والأقباط. 

وأعلنت السلطات المصرية أن تحقيقات القضاء أثبتت ضلوع الدور القطري في العديد من العمليات الإرهابية، ومن ذلك «قضية التخابر مع قطر»، و«قضية خلية الماريوت»، اللتان صدرت فيهما أحكام قضائية بالإدانة، كما أعلنت مصادر مصرية وجود دور قطري في دعم الإرهاب الموجود في سيناء.

2 خارجياً: تقديم قطر الدعم الكامل للتنظيمات الإرهابية في دول مجاورة لمصر، ومن ذلك تقديم التمويل المادي والأسلحة والذخيرة للتنظيمات الإرهابية في ليبيا، التي عملت على تخريب ليبيا من الداخل، كما عملت على تعطيل كل الجهود المصرية، لاستعادة استقرار وسلامة الدولة الليبية، كل ذلك بهدف نشر الفوضى، للنيل من أمن مصر، وهو ما حدث بالفعل في هجمات متعددة شنت على مصر من ليبيا، وأوقعت شهداء ومصابين مصريين أبرياء، إضافة إلى التدخل في الشأن الفلسطيني، خاصة في غزة، والعمل على فرض أجندة أمريكا و«إسرائيل» في تشتيت الصف الفلسطيني، وتعطيل جهود توحيده، إلى جانب العمل على الوقيعة بين القوى السياسية في قطاع غزة ومصر، بما يهدد الأمن القومي المصري في سيناء، التي تعاني هجمات الإرهاب. هذا بخلاف الدور القطري المتحالف مع تركيا ضد مصر في السودان.

ثانياً: شن حرب إعلامية ضد مصر
حرصت قطر على تسخير كل إمكاناتها الإعلامية لتشويه مصر عربياً، عبر شبكة قنوات الجزيرة الناطقة بالعربية والإنجليزية، وعدد من الصحف ووسائل الإعلام المملوكة لها أو المساهمة فيها، وذلك بالتماهي مع المخططات الأمريكية «الإسرائيلية»، وخدمة لأغراض التنظيم الدولي ل«لإخوان»، منذ الإطاحة بحكم التنظيم، في ثورة 30 يونيو، حيث تماهت قطر مع الهجمات الإعلامية الغربية ضد مصر، وتبنّتها وراحت تضخمها، إلى جانب تسخير هذه الأدوات الإعلامية لتبنّي الخطاب الإعلامي لتنظيم «الإخوان» الإرهابي، ومختلف التنظيمات الإرهابية، والترويج الواسع لعملياتها ضد مصر، حيث كانت تنشر بعض العمليات التي تحدث في سيناء على الهواء مباشرة، في اتساق مريب مع الإرهاب، بل إنها كانت تتوسع في إذاعة البيانات الإعلامية المصورة لهذه التنظيمات، للنيل من قوة وتماسك الجيش المصري، كما أعدت مواد إعلامية مفبركة في صورة مواد وثائقية لتشويه القوات المسلحة المصرية.

ثالثاً: التحالف مع الأعداء والخصوم الإقليميين لمصر والعرب
قامت قطر بالتحالف مع تركيا وإيران، اللتين لهما أطماع معروفة ضد المنطقة العربية، وعندما طالبت الدول العربية قطر، بإغلاق القاعدة التركية الموجودة على أراضيها، وتخفيف مستوى علاقاتها مع إيران، مارست العناد السياسي، ووثقت تحالفها مع الدولتين، وفتحت أراضيها ومياهها وسماءها لكل أشكال العتاد العسكري التركي والإيراني، لتحوّل نفسها إلى قاعدة عسكرية للدولتين، لتنفيذ مخططاتهما في المنطقة العربية، تلك المخططات التي تستهدف تفتيت وتفكيك الدول العربية، في إطار إعادة رسم خرائط المنطقة، بل إن قطر حملت تركيا تحت جناحيها لتطير بها إلى تشاد والسودان، كي تكون الدولتان مخلب قط ضد الأمن القومي المصري، في الوقت الذي تطمع فيه إيران في الاستيلاء على مضيق بابا المندب بواسطة الحوثيين، في تهديد واضح وصريح للملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس، ولا تخفي قطر دورها في مساعدة إيران في هذا المخطط على كل المستويات، ولن ينسى أحد ما قاله وزيرها في أعمال الدورة 148 لوزراء الخارجية العرب، في سبتمبر الماضي، بأن «إيران دولة شريفة»، دفاعاً عن إيران ومخططاتها بالمخالفة للإجماع العربي. 

والمؤسف بل والمزري، أن وزير خارجية قطر، لم يتطرق إلى هذه التفاصيل الكارثية، وهو يتحدث عن رغبة بلاده في استعادة العلاقات الطبيعية مع مصر.

رابعاً: الضلوع في تنفيذ المخططات التآمرية ضد الدول العربية

ضبطت قطر أكثر من مرة متلبّسة، بالضلوع في العبث بأمن الدول العربية من الداخل، كما حدث في مصر والسعودية والبحرين واليمن وسوريا والعراق وليبيا وفلسطين، وآخر ذلك التحرش بالطائرات المدنية الإماراتية، بهدف إشعال المنطقة، وذلك في إطار تنفيذ المخططات التآمرية الغربية الساعية إلى تمزيق الدول العربية، حيث تمارس قطر دور الصبي الذي عمل على خدمة المصالح الأمريكية «الإسرائيلية» في المنطقة العربية، وذلك على الرغم من أن الدولتين لم تخفيا أطماعهما في نشر الفوضى، من أجل إضعاف الدول العربية حتى يسهل تمزيقها، وإعادة رسم الخريطة العربية، بما يسمح ل«إسرائيل» بأن تكون القوة الوحيدة المهيمنة على المنطقة، ولهذا تقوم الدوحة بالتحالف مع التنظيمات الإرهابية في المنطقة العربية، باعتبارها الأداة التي يستخدمها أعداء العرب في تنفيذ مخططاتهم. 

وقد اعترف حمد بن جبر بن جاسم بالدور القطري في تفتيت سوريا، كما تم ضبط قطر متلبّسة بدعم تنظيم «داعش» في العراق، مما يكشف عن فضيحة الفدية التي قدرت بعشرات الملايين.

وإذا كانت قطر جادة في حل الأزمة مع الدول العربية، فعليها أن تستجيب للمطالب العربية ال13، كما أعلنت مصر والإمارات والسعودية والبحرين مراراً، وكما أوضح ذلك لكل ذي عقل وزراء خارجية الدول العربية الداعية إلى محاربة الإرهاب، في كل اجتماعاتهم ومؤتمراتهم الرباعية أو الثلاثية أو الثنائية، أو حتى في تصريحاتهم المنفردة، منذ بدء الأزمة رسمياً في 5 يونيو الماضي، لكن قطر تتغابى أو تتعامى أو تتجاهل كل ذلك، وتصر على المضي في غيّها وعنادها، وتصر أيضاً على سياساتها في دعم الإرهاب، والتآمر على الدول العربية دولة دولة لصالح إيران وتركيا و«إسرائيل»، ولكل من يرغب في دور قطري للبيع.