صفوق الشمري

بالنسبة لنا جربنا المفاوضات مع الحوثيين عشرات المرات، وفي كل مرة كانوا يغدرون باتفاقاتهم قبل أن يجف حبرها، لنكن واقعيين نحن نتعامل مع عصابة وليس حتى مع ميليشيا سياسية

من قال إن القلم أقوى من السيف، من الواضح أنه لم يواجه أسلحة رشاشة من قبل «الجنرال دوغلاس مكارثر».
قبل أيام أعلن عن خطة مليارية شاملة متعددة الأوجه والمجالات لدعم اليمن، تبدو الخطة كأنها شبه مشروع مارشال من حيث الحجم والدعم، ولا شك أن الجميع يسعى إلى أن يستعيد اليمن عافيته، لكن هناك محاذير وأوجه قلق كثيرة، وأيضا علامات استفهام.
علامة الاستفهام الأولى تتعلق بدور الأمم المتحدة وبعض منظماتها باليمن، في عدة أزمات كانت الأمم المتحدة وبعض رجالاتها سببا سلبيا في الأزمات، حيث أصبحت المساعدات تجارة واقتصادا، لذلك فإن البعض يسعى لكي تمتد الأزمة، فاقتصاد البعض أصبح يعتمد على الأزمات، وأصبحت سلسلة توريد المساعدات للأمم المتحدة تدر أرباحا كبيرة، والفساد بين رجالات المنظمة الدولية ليس جديدا، فهناك أمثلة معروفة، لكن الأسوأ حاليا ليس فقط الفساد المالي وإطالة زمن الأزمة، بل هناك كلام قوي أن بعض عرب الشمال من العاملين في المنظمات الدولية قاموا بمساعدة الحوثيين لوجيستيا بشكل متعمد، ولا ننسى بعض التهريب الذي حدث لأمور خارجة عن إطار مساعدات الأمم المتحدة.
ويجب ألا ننسى أن هناك حملة ابتزاز علنية من بعض موظفي الأمم المتحدة للتحالف لكي يزيدوا المساعدات، وأيضا التلاعب بالتقارير رغم علمهم بالواقع على الأرض، وهناك دور مشبوه للأمم المتحدة، فكلما اشتد الخناق على الحوثيين بادرت الأمم المتحدة إلى محاولة وساطة تخفف الضغط عنهم!
مَتى يَبلُغ البُنيانُ يَوماً تَمامَه
إذا كُنت تَبنيهِ وَغَيرك يَهدِمُ 
كيف نضمن أن المساعدات الجديدة لا تستخدم في تمويل الحوثي كما حدث في المساعدات السابقة من حيث الضرائب والإتاوات أو حتى الاستيلاء عليها كالعادة.
لا يعني أن الخلل فقط من الأمم المتحدة، بل أيضا الخلل من مركز الإغاثة التابع للتحالف، فبغض النظر عن أدائه الإعلامي المعلب، والذي لا يظهر الصورة الحقيقية لكمية وحجم المساعدات الكبيرة، مما سبب هجوما شرسا من الصحافة الغربية على دول التحالف، لكن مركز الإغاثة يتعامل مع المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة بنوع من طيبة القلب الزائدة، وكأنه يتعامل مع جمعية خيرية محلية، وهذا النوع من الأزمات يحتاج إلى مساعدات إنسانية، وأيضا إلى حكمة ودهاء سياسي، وعدم الانجراف وراء الابتزازات، لا شك أن إدارة مثل هذا المركز العالمي بهذه الأزمة الدولية تختلف عن إدارة جمعية خيرية أو مستشفى، بل تحتاج إلى حسن إدارة واحترافية مع فهم سياسي عميق للمحاكات والألعاب السياسية، وجهاز إعلامي نشط فعال بدل المؤتمرات الصحفية والأخبار المعلبة.
أستغرب حقيقة ممن يرجو أي أمل من الحوثيين في هذه الأزمة، أو يعتقد أنهم سيجنحون إلى الحل السياسي في نهاية المطاف، هذا لو كان الموضوع بيدهم، أما هم فمجرد منفذ لأوامر طهران، مجرد الحوار معهم مضيعة للوقت، لأن القرار ليس بيدهم. هم ميليشيا تدار بعقليات رجال عصابات ولصوص، لذلك تضييع وقت وجهد ومال في التعامل معهم كحزب سياسي أو ككيان سياسي أو حتى كدولة مارقة، فهم لا يعتبرون في العرف السياسي دولة، لذلك لا يجب التعامل معهم على هذا الأساس، مثلهم مثل حزب الشيطان في لبنان، يمكن أن يحرقوا بلدانهم حتى تصبح رمادا حتى ولو أن ذلك ضد مصلحتهم الشخصية لكي يرضوا الولي الفقيه في طهران. 
التعامل الأمثل مع الميليشيات الدموية هو الحرب والقوة المفرطة حتى يتم استئصالهم عن بكرة أبيهم، فالميليشيات الدموية لا تعرف إلا لغة القوة، لا أرى مانعا من الأخذ على يد 50 ألف مسلح حوثي من أجل مصلحة 20 مليون يمني، أعتقد أن مصلحة الأمة مقدمة على مصلحة الجماعة، والمعادلة مقبولة أخلاقيا وعسكريا، قد أنتمي إلى مدرسة (ريل بوليتيك)، لكن من جميع الاتجاهات أعتقد أن استخدام أقصى أنواع القوة مبرر لحل الأزمة اليمنية التي طال أمدها، وعانى الشعب اليمني، وحتى مستقبلا لكي لا تعاد الكرة بحرب جديدة إذا تنفس الحوثيون الصعداء واسترجعوا قوتهم.
قلتها سابقا وأكررها مرارا، كنا وبقوة مع التدخل في اليمن من قبل السعودية والتحالف حتى لا ينشأ حزب الله في اليمن وفرع لإيران على حدودنا الجنوبية، لكن أعتقد أن التحالف يجب أن يستخدم قدرا أكبر من القوة الفتاكة ضد الحوثيين، كلما استعجل التحالف بالبتر رجعت الصحة إلى جسد اليمن، اليمن حاليا كالجسد المصاب بالسرطان، حتى لو كانت العملية خطرة وتحمل مضاعفات، لكن الواجب الإسراع، فكلما تقدم وقت العملية وتمت إبادة الحوثيين والتخلص من الورم الخبيث رجعت الصحة بشكل أسرع إلى اليمنيين، ولا مانع من أخذ الطريق الأسرع للشفاء رغم مضاعفاته ومحاذيره، أستغرب من البعض الذي يقول إن الحوثيين جزء من الحل السياسي، هم قتلوا حليفهم علي عبدالله صالح بدم بارد، ولا أعتقد مستقبلا أنهم سيحبون أيا من دول التحالف أكثر من صالح. 
بالنسبة لنا جربنا المفاوضات مع الحوثيين عشرات المرات، وفي كل مرة كانوا يغدرون باتفاقاتهم قبل أن يجف حبرها، لنكن واقعيين نحن نتعامل مع عصابة وليس حتى مع ميليشيا سياسية أو حزب، بالنسبة لي فإن القيادة الحوثية ينطبق عليها المثل (القيادي الحوثي الجيد هو الميت).