إيلي الحاج

قلق جدي يساور معنيين بتطور العلاقات اللبنانية – الأميركية في واشنطن يدفعهم إلى رفع الصوت لدى المسؤولين في بيروت، علّهم يدركون مدى الهشاشة التي بلغتها هذه العلاقات وقد باتت واقفة في عهد الرئيس دونالد ترامب "على نقطة"، ويدعون إلى فعل شيء ما لوقف اتجاهها أكثر نحو السلبية. 


في أسباب قلق هؤلاء المعنيين، المطلعين جيداً والقريبين من مواقع القرار في الولايات المتحدة أن الأجواء العامة هناك تنحو في عهد ترامب إلى عدائية متصاعدة ضد إيران و"حزب الله" على ما هو معروف، وتحت ستار الهدوء الظاهر في العلاقات الأميركية – اللبنانية تبرز تفاصيل نافرة يمكن أن تطيح هذا الهدوء. منها الخلاف الشخصي بين رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس آد رويس والسفير اللبناني الجديد في الولايات المتحدة غابي عيسى، ويبدو أن رويس بلغه كلام في حقه قاله عيسى تعليقاً على ما هجوم رويس على الوزير جبران باسيل، خلال إعلانه مشروع قانون العقوبات المالية المشدد على "حزب الله" في مؤتمر صحافي عقده في 3 تشرين الأول الماضي في مقر لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، إذ وصف باسيل بأنه "عميل" لـ"حزب الله"، في سياق عرض روس لنتائج لقائه مع الرئيس سعد الحريري في حضور وزير الخارجية اللبنانية، الأمر الذي استفز عيسى فاستخدم بدوره عبارات قاسية ضد روس.
من الأسباب أيضاً الحكم الغيابي الذي أصدرته المحكمة العسكرية ضد الباحثة في "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" الكاتبة الصحافية حنين غدار، وقضى بسجنها 6 أشهر، لإبدائها آراء في اختلاف طرق تعامل الجيش مع الإرهابيين الإسلاميين بحسب انتمائهم المذهبي، على ما روت خلال ندوة شاركت فيها في واشنطن في العام 2014 . وقد أثار هذا الحكم ضجة في الدوائر الأميركية التي تتعامل مع الملف اللبناني، زادت تصاعدها أصوات مؤيدة في الإجمال لإسرائيل وكانت في الأساس تعترض على تقديم واشنطن مساعدات إلى المؤسسة العسكرية اللبنانية بذريعة أنها على صلة بـ"حزب الله".
ويخشى المتابعون المطلعون أن يستخدم بعض الإعلام الأميركي الحكم على غدار لإشاعة جو معادٍ للحكم في لبنان على قاعدة أنه حليف لإيران و"حزب الله"، الأمر الذي يستلزم متابعة دقيقة في بيروت أولاً، للتوصل إلى اقتناع فيها بأن على الدولة الفصل تماماً بينها وبين الحزب، وهو يستطيع الدفاع عن نفسه، فلا تستعمل وسائل السلطة لتحقيق غاياته. أما النوم على حرير أن ما أعقب استقالة الرئيس سعد الحريري الغامضة والملتبسة من رياض قد بيّن حاجة الدول الكبرى والمؤثرة إلى الإستقرار في لبنان، وبالتالي لا ضير في التشدد مع المعارضين لـ"حزب الله" في لبنان وخارجه، فسوف يكون خطأ كبيراً ومؤذياً لمصالح لبنان. فهذه الحسابات يمكن أن تصح مع فرنسا في هد إيمانويل ماكرون، ولكن ليس مع أميركا في عهد ترامب الذي لا يبالي حتى بالعلاقات مع دول كبيرة ولا يتردد في الذهاب إلى الآخر إذا وجد له مصلحة في أي تدبير يتخذه أيا تكن الانعكاسات، والقرار الذي اتخذه في موضوع القدس أكبر دليل. 
ويقول المتابعون بضرورة حل المشكلة الشخصية بين روس وعيسى، وطريقة ما لـ"لفلفة" موضوع الحكم على الباحثة غدار، خصوصاً أن ديفيد شنكر الذي سيتسلم منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، الذي كان يشغله جيفري فيلتمان، صودف أنه زميل لها في "المؤسسة" و"الباب على الباب"، والرجل يتساءل علناً في لقاءاته مع المهتمين بالشأن اللبناني كيف ندافع عن بلاد وعن مؤسسة تصدر أحكاماً كأنها في إيران أو سوريا؟