ليزا تين برينك

قبل أكثر من عام شاهد العالم أن دونالد ترمب أصبح الرئيس الـ45 للولايات المتحدة. وفي أوروبا أشار تولي ترمب الرئاسة إلى بداية وقت غير آمن وغير متوقع بالنسبة للعلاقة عبر الأطلسي.
كما وعد ترمب بوضع «أميركا أولا»، ووصف حلف شمال الأطلسي «الناتو» بـ«عفا عليه الزمن»، كما يخشى السياسيون والصحفيون والمواطنون على جانبي المحيط الأطلسي من فتور مستقبل العلاقات الأميركية الأوروبية، ويكفي النظر إلى الأضرار التي لحقت بعلاقة ترمب عبر الأطلسي في سنة واحدة.


هل قوبلت كلماته بالأفعال؟ وماذا يقول لنا خطابه عن قوة الارتباط بين أوروبا والولايات المتحدة؟
إن خطاب ترمب القوي خلال الحملة الانتخابية، الذي أدان فيه نخبة واشنطن ونهج سياستهم الخارجية، يعني ضمنا أنه يبتعد عن النظام العالمي الليبرالي نحو نظرة عالمية أكثر عُزلة.
لقد تعهد ترمب بالخروج من تركة الرئيس أوباما، كما تعهد بالانسحاب من الترتيبات الدولية المتنوعة، مثل الاتفاق النووي الإيراني، واتفاق المناخ في باريس، والمفاوضات التجارية متعددة الأطراف، مثل الشراكة عبر التجارة الأطلسية والاستثمار مع الحلفاء الأوروبيين.
ولكن، بعد فترة وجيزة، اعتمد ترمب لغة أكثر نعومة، مدعيا أن الناتو «الآن لم يعُد عفا عليها الزمن»، وأعلن أنه «صالح تماما» للاتحاد الأوروبي «الرائع». وتماشيا مع هذا الخطاب الجديد لم تقم الولايات المتحدة بأي تغييرات على إسهام قواتها في الناتو.
وحدثت عملية مماثلة في مجالات أخرى للسياسة الخارجية، حيث استعيض عن الخطاب القوي تدريجيا بمواقف أكثر اعتدالا في مجال السياسة العامة. وعلى الرغم من أن ترمب لا يزال يتحدث بشكل إيجابي عن بوتين، على سبيل المثال، فقد تراجع عن خططه السابقة لرفع أو عدم تجديد بعض العقوبات.
وعلى الرغم من أن ترمب ندد مرارا باتفاقية باريس للمناخ، والاتفاق النووي مع إيران، إلا أنه لم يحدث هناك (حتى الآن) أي تغيير في سياسته. هل هذا النقص في تغيير السياسة العامة يعني أن تأثير ترمب على العلاقات عبر الأطلسي كان حتى الآن ضئيلا؟
بالنسبة لأوروبا، يمكن أن يكون هذا الصدع هو دعوة الاستيقاظ اللازمة لزيادة اللعبة، بالإضافة إلى بدء التعاون الهيكلي الدائم (بيسكو)، سيحتاج الأوروبيون إلى إعادة التفكير في اعتماد القارة على حلفائها الأميركيين.
وهذا لا يعني أن أوروبا بحاجة إلى الانفصال عن تحالف تاريخي، وقد يكون من غير الواقعي التفكير بأن أوروبا يمكن أن تصبح مستقلة تماما عن الدعم العسكري الأميركي، بل إن الأمر يعود الآن إلى أوروبا لتحقيق التوازن بين صداقة طويلة الأمد وجرعة صحية من عملية صنع السياسات العملية، فلقد ظلت طبيعة العلاقة عبر الأطلسي تتغير منذ سنوات.

 

* باحث بكلية لندن للاقتصاد (نيوزويك) الأميركية