عبدالعزيز السويد

 إثر غزو صدام الكويت الذي أحدث صدمة كبرى محطماً النظام الأمني العربي القائم تلك الفترة، انفتحت الأبواب للمعارضة العراقية في السعودية ودول الخليج. ولمجلة «اليمامة» التي كنت سكرتيراً لتحريرها ذلك الحين أجريت حوارات صحافية مع أطياف مختلفة من المعارضة العراقية في المنفى، بعثيين سابقين أو منشقين للتّو منهم من كانوا قريبين من صدام شخصياً، إضافة إلى حزبيين من القوميين والشيوعيين والإسلاميين وغيرهم. أصبحت هذه الحوارات مثل وجبة شبه أسبوعية للمجلة حتى أن زميلاً في المجلة «الله يذكره بالخير» الأستاذ اسحق وهو من السودان علق على ذلك بقول بقي في الذاكرة: «لقد فتحت علبة ديدان»!، وهو تعبير مجازي كما لا يخفى. كان المعارضون العراقيون لصدام يجتمعون على كل شيء من الأكل العراقي إلى المواويل وشعر السياب وذكريات بغداد، لكنهم حين تأتي السياسة ترتفع أصوات اختلافاتهم ويظهر العداء بينهم. وأجد أن واقع اليمن مشابه للعراق، علبة ديدان ومعها ثعابين، يغلب عليها طغيان الحزبية ومحاولة الاستئثار خارج مصلحة يمن جريح وفقير وممزق. في ذاك الزمن كانت إيران تبني معارضتها العراقية على طريقتها المتأنية بتوليد الميليشيات الطائفية، وقد أثبت هذا الأسلوب لاحقاً نجاحه بعد وصول الثور الهائج، لتخسر كل أطياف المعارضة العراقية الأخرى ومعها الشعب العراقي، لم تنفعها مؤتمرات وندوات أو وعود، بل بقيت في المنفى أو طريدة في وطنها مع قتل وتهجير حاضنتها ومن كانت تدعي تمثيله.

إذا لم يتحد اليمنيون على هدف واحد يتركز على تخليص اليمن من الميليشيات الحوثية الإيرانية أولاً ثم يمكن بعدها طرح كل الملفات للنقاش فإن مصيرهم ومصير وطنهم لن يختلف كثيراً عن العراق وربما أكثر سوءاً، بل إن الشعب اليمني سيطيح بكل هذه الطبقة السياسية إذا لم تتخلص من انتهازيتها الحزبية والتنفيعية، وهذا ينطبق على الساسة في شمال اليمن وفي جنوبه. وفي اليمن كفاءات مؤهلة أجبرت على الاغتراب لا علاقة لها بخبث السياسة وأطماعها، وهم مؤهلون إذا توافر لهم في بلادهم أمن واستقرار شمالاً وجنوباً للنهوض بها.