علي سعد الموسى

على الصفحة الأولى، وهنا، ليوم الأمس، يذكر معالي وزير التعليم ما خلاصته أن في فصول مدارسنا كثيرا من صراعات الأفكار التي لا علاقة لها بالمنهج. وقبله بأيام ما يشبه صرخة ألم لوكيل وزارة الشؤون الإسلامية، وهو يعترف بتغلغل خلايا حركة الإخوان المسلمين في مفاصل التعليم، وبين هذين التصريحين، ولا زال، وسم تويتري صاعد بقوة عن (التنمر في المدارس)، وفيه عشرات من القصص المبكية، وبالخصوص في التمييز الإقصائي بسيطرة الانتماء الطائفي. والقصة برمتها تشرح نفسها ذاتيا دون حاجة إلى تحليل فكري. 


اخترت لكم من قصص هذا الوسم ما قاله (أ. المكرمي) من أنه اضطر إلى الدراسة في ثماني مدارس متنقلا هاربا في المرحلتين المتوسطة والثانوية. 
قصة صغيرة ولكنها تختزل كل حالتنا المزرية. 
لا حيلة لديه سوى بث شكواه إلى الفضاء لأن أرض التعليم لا فرق فيها ما بين الجاني والقاضي أمام شكوى مثل هذا الضحية. 
معالي الوزير الذي يتحدث بالأمس، هو ذات الوزير الذي ربما، وأقول ربما سمع مثلا عن قصص جامعة مثل نجران، ومع هذا لم نسمع من الوزارة عن عشر لجنة تحقيق شاردة كي تنصف آلاف الشباب من هوس التمييز الطائفي إن صدقوا، أو تنصف هيكل إدارة الجامعة إن كانت هذه القصص مختلقة وكاذبة.
وكيل وزارة الشؤون الإسلامية الذي يتحدث عن اختراق التعليم كان عليه أن يلتفت أولا إلى مناشط وزارته. 
وأنا هنا لا أدعو أبدا لأي وقف أو اختزال لها والعياذ بالله، ولكني أدعوه إلى أن تكون المنابر لله... ولن أكمل. 
والخلاصة المريرة أن التخلص من كوادر حركات الإسلام السياسي المتشددة في فصول مدارسنا وقاعات جامعاتنا سيجعل من نصفها على الأقل فارغا بلا أستاذ ومعلم. 
الحل مع المصنع الرديء لا أن توقفه متخلصا من كوادره، بل تستبدلهم بالتدريج مهما كان للزمن من تكلفة.
دعوني أختم، قبل سنوات طويلة تقدم لجامعتي حامل دكتوراه في الهندسة من جامعة أميركية مرموقة، كان يشكو إلي (تنمر) جامعة كاملة عليه وعلى سيرة أوراقه التي تذوب واحدة بعد الأخرى، لأنه أول مواطن من المذهب المقابل يتجرأ على طلب الانضمام... وإلى أين... ولن أكمل.
قلت له يومها ضاحكا: وأنا أول المتآمرين المتنمرين عليك لأنني وبخيالاتي الأدبية أعرف مدى معاناة وعذابات حياة كل من يتجرأ ليكون الأول في طوابير زمام المبادرة.