ثريا شاهين

تستبعد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، ان يتوصل مؤتمر سوتشي للحوار السوري الى نتيجة تُسهل تنفيذ القرار ٢٢٥٤ للحل في سوريا. فالمعارضة السورية لا سيما منصتي الرياض والقاهرة لم تشاركا به.

وفي الاساس، واشنطن لم تكن لتشجع على انعقاده، وهي قاطعته، لان لديها علامات استفهام حول ما اذا كان انعقاده يأتي تحت سقف جنيف ام لا. مع الاشارة الى ان رفض المعارضة السورية حضوره جاء على خلفية ان لا ضمانات تسلمتها من روسيا حول المقررات التي ستصدر عنه.

بعد تقديم واشنطن استراتيجيتها حول سوريا، هناك موقف اميركي جديد، هو انها تريد الحفاظ على مصالحها في سوريا، وانها فعلاً موجودة، وان على كل الافرقاء اخذ دورها في الاعتبار بصورة اساسية.

وقبل عقد مؤتمر فيينا، كانت لدى روسيا شكوك ازاء ما يمكن ان تفعله واشنطن خصوصاً حول الضغط لعدم مشاركة فصائل في المعارضة السورية في مؤتمر سوتشي، اذا لم يخرج مؤتمر فيينا باختراق جدي.

كل ذلك، بحسب المصادر، للقول، ان روسيا وحدها لا يمكن ان تنتج حلاً، من دون الولايات المتحدة. والولايات المتحدة لا يمكنها ان تنتج حلاً من دون روسيا. روسيا تندفع جداً في الموضوع السوري، وتوحي ان مؤتمر سوتشي يأتي بالتزامن مع انتهاء الاعمال العسكرية. وتريد ازاء ذلك الولايات المتحدة ان ترد على روسيا عبر الوضع في الرقة وعفرين، والسعي لانشاء منطقة امنية على الحدود مع تركيا، وكل ذلك للقول، بحسب المصادر، ان الازمة السورية ليست على طريق الحل، ولم تنتهِ المعارك بعد، وان الولايات المتحدة لها دورها وهي لن تسمح، بأن تستفرد روسيا بالوضع السوري.

الازمة الراهنة في سوريا طويلة الامد، هناك محاولات للحل السياسي استناداً الى الموقف الروسي والى الموفد الخاص للامم المتحدة ستيفان دي ميستورا.

بالنسبة الى موسكو، فان الولايات المتحدة تعرقل اي حل لا ترضى عنه في سوريا، وان سياسة واشنطن غير واضحة ومتقلبة منذ ان تسلم الرئيس دونالد ترامب السلطة. وليس هناك من طرف دولي يدرك تماماً ما الذي تريده الادارة الاميركية. والآن تتوضح الامور فهي تريد مناطق نفوذ لها في سوريا، لكن الافق السياسي غير واضح، فهناك مصالح دول، والوضع السوري مفتوح على كل الاحتمالات ولم يحن بعد اوان الحل السياسي الحقيقي. وواشنطن ايضاً غير موافِقة على الحل الذي تضعه روسيا. ويفترض ان يحضر في سوتشي ١٥٠٠ شخصية سورية وهذا عدد كبير. انما اجتماع فيينا أشار الى المشاركة في سوتشي الذي يُعدّ من العوامل المساعدة للحل، مثل مؤتمر استانة.

وتقول مصادر ديبلوماسية، ان الموقف الاميركي يأتي قبيل استحقاقات كبيرة ستصل اليها سوريا والمنطقة. ابرزها مرحلة اعادة اعمار سوريا، ومرحلة الاصطفافات الاقليمية المقبلة، ثم موضوع عملية السلام اذا كان هناك من سلام حقيقي وفعلي. انها صفقة العصر في فلسطين والقدس وما سيلي ذلك.

ويبقى ان التحول الحقيقي في سوريا هو بقاء الاسد ام رحيله، لكن الولايات المتحدة باتت تعمل في اتجاه ان رحيله هو جزء من التحضير لما بعد الصراع.

والآن لم يحن بعد موعد اقتسام النفوذ الاميركي والروسي في سوريا لاتضاح موعد الحل السياسي. ومن دون الاتفاق بين الدولتين العظميين حول اقتسام مغانمهما لن تتبلور صورة الحل ولا مضمونه.

ويتبين من عرض وزير الخارجية الاميركي راكس تيليرسون لاستراتيجية بلاده حول سوريا، ان محاربة «داعش» تبقى اولوية، وان تعزيز الوجود في سوريا هو لضمان عدم عودة هذا التنظيم مجدداً والاولوية ايضاً لمحاربة نفوذ ايران في سوريا. الا ان تيليرسون لم يعلن كيفية انهاء سلطة النظام السوري ولا طريقة الضغط للتوصل الى انجاز العملية السياسية، لا سيما وان كل الاطراف الدولية تدرك تماماً انه من دون الضغط على النظام للتوصل الى هذا الحل، لن تُؤتي المفاوضات بثمارها حتى لو استمرت ٢٠ سنة. وكذلك من دون الضغوط على روسيا للضغط بدورها على النظام لن يتم التوصل الى شيء. حتى ان الضغط على ايران مهم في عملية الحد من دعمها للنظام، لكن في النهاية الروس هم الذين ساهموا في استمرارية النظام وليس الايرانيون.