العلاقات التي تربط السعودية بشقيقتها دولة الإمارات ليست وليدة اليوم -كما يظن بعضهم- بل لها جذور في عمق التاريخ، وأوثق مما يتصوره المرتزقة الذين تحركهم أيديولوجيات معادية لدول الخليج

لم أكن أعلم أن جلوسي مع صديقي الإماراتي في أحد مقاهي المراكز التجارية الشهيرة سيطول، ونحن نتحدث عن علاقات بلدينا القوية، وقد بدا لي الحديث شيّقا، ونحن نستعرض حجم العلاقات التي تربط السعودية بشقيقتها دولة الإمارات التي تعد أنموذجا في حُسن العلاقات العربية- العربية، وهي ليست وليدة اليوم -كما يظن بعضهم- بل لها جذور في عمق التاريخ، وأوثق مما يتصوره المرتزقة الذين تحركهم أيديولوجيات معادية لدول الخليج، ويهدفون عبر وسائل التواصل والفضائيات إلى التشكيك في صلابتها، بالحديث عن اختلافات في السياسات من أجل «دق إسفين» في العلاقات، وينسون أنها أمتن من كل مخططاتهم في بث الفتنة بين البلدين، وإن ظنوا بأنهم سينجحون بما يروجونه في وسائلهم الإعلامية إلى تمزيق وحدتنا، أو إلحاق الضرر بعلاقاتنا خلال تغريدات الفتنة، فهم واهمون، لأنهم يجهلون المصير المشترك الذي يجمع البلدين، ولا يعرفون عمقها التاريخي، والتقارب في وجهات النظر في مواقفهما السياسية، سواء على صعيد دول الخليج داخل المجلس، أو على صعيد الدول العربية، أو خلال التنسيق على مستوى القضايا الدولية، هذا العمق الإستراتيجي في العلاقات، يجعل كل جهود دعاة الفتنة وزرع الخلافات بين حكومتي البلدين، تذهب أدراج الرياح، ويشل مخططاتهم لضرب علاقة البلدين، ويفشل كل مؤامراتهم لإفساد علاقة الشعبين، ولن يملكوا التأثير على مسيرة البلدين التي تسندها قرارات تاريخية تعزز روابط البلدين، مثل قرار إنشاء مجلس للتنسيق السعودي الإماراتي الذي ترجمته «خلوة العزم» بمشاركة مسؤولين وخبراء البلدين من مختلف القطاعات الحكومية، لبحث كل القضايا التي يشترك فيها البلدان، تعززها الزيارات المتبادلة بين المسؤولين للتشاور، وتوحيد المواقف، وتنسيق الجهود، لمواجهة مخططات التنظيمات الإرهابية المعادية لأمن الخليج، مما يبرهن على متانة العلاقة بين السعودية والإمارات حكومة وشعبا، والتي وضع قواعدها الصلبة القادة الأولون، وتشهد دعما لاستكمال المسيرة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -رعاه الله- وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -وفقه الله- بالتنسيق مع أشقائهم قادة الإمارات، وفي مقدمتهم، سمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات، وإخوانه سمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء بالدولة حاكم دبي، وسمو ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة سمو الشيخ محمد بن زايد -وفقهم الله- للعمل على استمرار توحيد الجهود والرؤى والمواقف، وصّفها في مواجهة مخططات الأعداء في المنطقة، وفي مقدمتهم إيران، التي لم تتوقف عن التآمر للعبث بأمن منطقة الخليج عن طريق عملائها، وهي تعلم أن استمرار وحدة البلدين، ومتانة روابطهما؛ إنما تمثل القوة التي لا يستهان بها في سبيل بقاء وحدة دول مجلس التعاون الخليجي قوية، وضمان استمرار التعاون بينها قائما، والإبقاء على المجلس متماسكا قويا للدفاع عن أمنه وحدوده في وجه كل عدو، مما سيسهم في إفشال أطماعها التوسعية في دول الخليج، ولذلك فهي تسعى إلى إثارة الاضطرابات وموجات القلاقل عبر أذرعها من الميليشيات الإرهابية لزعزعة أمن بلدان الخليج لتحقق أهدافها، إلا أن متانة علاقات السعودية والإمارات، تمثل الحربة التي تقف في وجه أطماعها الفارسية في دولنا، وما تكاتف سياسات بلدينا ووقوفهما إلى جانب بعضهما بعضا، ووجود جنود السعودية والإمارات في خندق واحد، وقد امتزجت دماؤهم على أرض اليمن، إلا أكبر دليل على تلاحم البلدين واصطفافهما، لدحر الميليشيات الحوثية الإيرانية الإرهابية التي أرادت خطف اليمن، وتسليمه رهينة لعصابات العمائم في طهران، والإجهاز على حلمهم لاختطاف بلد عربي رابع، كما فعلوا في سورية والعراق ولبنان، ولهذا، فإن العلاقات التاريخية الاستثنائية السعودية – الإماراتية، ستزداد ترابطا وانسجاما في كل عام، وستبقى بعون الله إلى الأبد، وسيتم إحياؤها في ذاكرة الأجيال، وسيستمر توثيقها أكثر وأكثر، وستظل سياسات البلدين متطابقة في كل القضايا، كما هي اليوم في أحداث اليمن، ولا يمكن بعون الله لعلاقات البلدين، والتي يعززها الدم والجوار والمصير المشترك، إلا أن تستمر بقوة، كلما كثرت التحديات في المنطقة، ويزداد معها تنسيق الحكومتين صلابة، كلما ظهرت أزمات جديدة، وكلما استدعى ذلك إلى توحيد الصفوف لدعم الاستقرار وتحقيق الأمن.
في نهاية جلستي مع صديقي الإماراتي ونحن نرتشف قهوتنا، كان لي أن أختم بإشارات سريعة إلى مدى التنسيق في تعميق علاقات بلدينا في كل الميادين، فلعلي أشير بسرعة إلى حجم المشاريع الاقتصادية بين البلدين، والاستمرار في تنمية التبادل التجاري الذي يعد الأكبر بين دول الخليج العربي، وجهود دفع عجلة سوق الاستثمار لرجالات الأعمال السعوديين والإماراتيين، ثم إن الإمارات تعد الوجهة الأولى لسياحة السعوديين اليوم، نظرا لما تحقق من مقومات سياحية وتنوع، إضافة إلى وجود آلاف السعوديين المقيمين في الإمارات، إما للعمل أو الاستثمار، يدفعهم في ذلك شعور بأنهم في بلدهم، وما يجدونه في دولة الإمارات من ترحاب وحسن معاملة.