أحمد المغلوث 

 قبل سنوات وعندما قررت ارسال ابني الدكتور عبدالله للدراسة في الخارج على حسابي الخاص قبل أن ينضم لبرنامج الابتعاث في مرحلة لاحقة، اتصل بي أحد زملاء الدراسة طالبا مني ان الغي فكرة ارساله للدراسة خارج المملكة؛ خوفا من ان يتأثر بالتغريب، وبالتالي يتطبع بطابع الحضارة الغربية وثقافتها وقيمها وعاداتها، وراح يتحدث بحدة عن خطر «الغزو الفكري» وما ينتج عنه من تأثير الحياة الغربية على فتى يافع، وما يعقب ذلك من هدم قيمه العربية والاسلامية التي تربى عليها.. ولم أتردد عن شكره وتقديره لغيرته وحرصه، لكنني أشرت له وبكل صراحة ان نظرته عن الغرب والدراسة في دوله فيها الكثير من الافكار السوداوية والمغلوطة، ويبدو انه تأثر كثيرا بتلك الموجة المتلاطمة الأمواج عن «الغزو الفكري « التي اجتاحت عالمنا العربي والإسلامي لفترة طويلة، وتسببت في عدم انفتاحنا على الغرب وما فيه من جديد وتقدم وتطور. بل تسبب ذلك في وجود خصومة شبه دائمة لدى بعض مجتمعاتنا العربية والإسلامية ودول الغرب. مع ان الإسلام كانت نظرته واسعة وتطلعاته كبيرة مما جعله وبفضل الله ومن خلال الفتوحات الإسلامية أن يساهم في نشر الإسلام، وينقل ثقافته وعلمه لمختلف الدول التي تواجد فيها فاتحا ومعلما ومرشدا. بل تحدى الإسلام كل من يكيد له وللمسلمين وتصدى بقوة لكل من يحاول جاهدا أن يحد من انطلاقته وانتشاره.

والمتابع لوسائل الإعلام يشاهد اليوم وباعجاب وفي مختلف الدول الأوربية والعالم كيف يدخل أبناء الغرب إلى الإسلام بأعداد كبيرة. بل إن مئات الآلاف من طلابنا وطالباتنا الذين يدرسون ضمن برنامج الابتعاث في مختلف الدول باتوا يساهمون في اعطاء صورة مشرفة عن الإسلام وقيمه، بل هناك من هداه الله وأسلم على يد أحد طلابنا.

وبدون مجاملة أبناء الوطن، هم ولله الحمد على قدر كبير من الوعي والمبادىء التي تربوا عليها، وها هو احد طلابنا النجباء «أحمد المحيميد» يكرم في استراليا مؤخرا من قبل سفارة المملكة؛ لمبادرته الإنسانية لانقاذه مواطنا استراليا مسنا من الغرق في أحد أنهار مدينة ملبورن.

وأمثال هذا الطالب كثر، فبين فترة وأخرى نجد أحد طلابنا وحتى طالباتنا يساهمون في عمليات انقاذ إنسانية في هذه الدولة أو تلك.. وقد تناولت الصحافة العالمية أخبار هذه العمليات الإنسانية في حينه.

لقد كان ذلك الزميل والذي مازالت افكاره «صحوية» بشكل مبالغ فيه وراء سباتنا لثلاثة عقود. ولم يتردد سيدي سمو ولي العهد الأمين أن يشير إلى هذا السبات في حديثه مع الكاتبة «كارين ايليوت هاوس» خلال زيارتها للمملكة. هذا الأمير الشاب الذي يسعى حثيثا إلى المزيد من التغيير والتطوير والتنمية. ممسكا بأيادي أبناء الوطن. وهو في طريقه إلى المستقبل الباسم.

هذا وعندما انتهيت من أداء صلاة المغرب في الجنادرية مساء الجمعة الماضية عندها صافحني الذي كان يصلي إلى جانبي. واكتشفت انه أمريكي مسلم ويعمل في إحدى الشركات بالرياض. وجاء مع بعض زملاء العمل لمشاهدة «الجنادرية». فشعرت بسعادة كبرى أن الإسلام بخير وان «الغزو الفكري» عبارة اخافتنا لعقود.!