خلف الحربي

قناة الجزيرة مملوكة بالكامل للحكومة القطرية، ومن المعلوم أنها ومنذ تأسيسها تدار بشكل مباشر من قبل وزارة الخارجية القطرية، وبشكل غير مباشر من قبل جهاز المخابرات القطري، لا يوجد أي حصة لمستثمر محلي أو أجنبي في هذه القناة، فهي ذراع سياسي خالص أكثر من كونها وسيلة إعلامية، ومن هذا المنطلق يسعى بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي إلى ضمها إلى قانون (العميل الأجنبي) أو (الوكيل الأجنبي) كي لا تتمتع بحقوق وسائل الإعلام العادية.

ويدرك العديد من المثقفين والإعلاميين العرب هذه الحقيقة الواضحة ولكنهم يتغاضون عن ذلك، لأن من مهمات هذه القناة شراءهم بشكل غير مباشر من خلال المكافآت المالية للمشاركات أو من خلال منحهم الفرصة لتصفية حساباتهم مع حكومات الدول التي ينتمون إليها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتناول القناة ما يتعارض مع الأجندة السياسية لوزارة الخارجية القطرية، ويستحيل أن تتطرق إلى مشاكل قطر أو الانقلابات المثيرة في بيت الحكم القطري، فهذا من صميم حرية التعبير وهي لم تنشأ لهذا الغرض على الإطلاق.

والعاملون في قناة الجزيرة ليسوا قطريين ولا حتى من مواطني الدول العربية، بل هم في الغالب إعلاميون (من أصول عربية) يحملون جوازات أمريكية وأوروبية وإسرائيلية، وهذا وضع أقل ما يقال عنه إنه (مشبوه)، يضاف إليه أن رئيس وزراء إسرائيل لم يزر أي وسيلة إعلام عربية ولم يتجول في أروقة أي جريدة عربية باستثناء قناة الجزيرة، وهذا يعزز الشبهات حول خدمتها لأهداف إسرائيلية من أجل تدمير العالم العربي، ولا يصدق إلا السذج أن الولايات المتحدة يمكن أن تسمح للقناة بتلقي أو بث خطابات أسامة بن لادن أو زعماء طالبان خلال الحرب الأمريكية على تنظيم القاعدة دون أن تكون الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية على اطلاع كامل بالموضوع، وهذا يجعل من هذه القناة شبهات بعضها فوق بعض.

ولا حاجة لنا لاستعراض سجل هذه القناة الحافل مع كل دولة عربية على حدة، فما يهمنا هنا هو أمن واستقرار المملكة العربية السعودية وجيرانها الخليجيين، فقد قامت هذه القناة بأعمال عدائية ضد المملكة وضد الشعب السعودي، ومن الأمثلة على ذلك تبنيها خطابات زعماء تنظيم القاعدة داخل السعودية، مثل المقرن والعوفي، في عز المواجهات الدامية بين قوات الأمن السعودية والتنظيم الإرهابي، وكل ذلك بالطبع بتوجيه مباشر من السلطات القطرية.. هذا مثال واحد بسيط من مئات الأمثلة، حيث تنشر وتوجه القناة موادها التي تخص المملكة بحسب تقلبات العلاقة السياسية بين السعودية وقطر، وهذه حالة ليس لها أدنى علاقة بحرية التعبير أو المصداقية الإعلامية، بل بإدارة الصراع السياسي بين البلدين.

والدول التي لا ترد على الأعمال العدائية بأعمال أشد منها هي دول ضعيفة تستحق ما يحدث لها، والمملكة ليست ضعيفة بإذن الله.. لذلك فإن المطالبات السعودية بإغلاق الجزيرة أو تغيير ملكيتها وإدارتها أو الرد عليها وعلى قطر بنفس الحدة من قبل وسائل إعلامية سعودية أو من قبل مسؤولين سعوديين هو دفاع مشروع عن الوطن واستقراره وسلامة أهله، فما ينشر في هذه القناة من مواد عدائية ضد المملكة يستحق أن يكون سبباً في إغلاق الباب بوجه قطر مهما طالت سنوات القطيعة.. فليس لدى السعودية ما تخسره في سبيل الحفاظ على وحدتها واستقرارها، وأي تهاون في هذا الموضوع فإن السعوديين قد يعيشون وضعا يشبه الوضع الذي يعيشه أشقاؤنا الليبيون اليوم ببركات التهاون مع قطر وقناة الجزيرة.