أمندا برادعي 

لم تعد المواربة ممكنة في قرار القوى السياسية والأحزاب اللبنانية عدم ترشيح المرأة للانتخابات النيابية المقبلة إلا في حالات قد تكون أقل من أصابع اليد الواحدة. وهذا ما أظهرته الأسماء المعلنة حتى الآن وتلك المسربة عن اللوائح التي ستعلن. وإذا كان من نافل القول إن نسبة تمثيل المرأة في البرلمان منخفضة في شكلٍ ملحوظ منذ أن مُنحت حق التصويت في عام 1952، فإن ما يدعو إلى الاستغراب أن دولاً عربية كثيرة عرفت التمثيل البرلماني بعد لبنان بسنوات طويلة، سبقته في حجم تمثيل المرأة.

لم يعلن حتى الآن «تيار المستقبل» لوائحه لمعرفة عدد النساء اللواتي ستتضمنها. وإذا كانت النائب بهية الحريري من الثوابت في ترشيحات «المستقبل» فإن الجمهور الأزرق ينتظر من الرئيس سعد الحريري تسمية أكثر من امرأة لا سيما في العاصمة بيروت وربما في غيرها من المناطق.

ورجحت مصادر مقربة من الرئيس الحريري اتجاهه إلى ترشيح السيدة رلى طبش جارودي إلى أحد المقاعد السنية في دائرة بيروت الثانية.

ما تسعى إليه وزارة شؤون المرأة، وفق ما قاله وزير الدولة لشؤون المرأة والنائب (عن المستقبل) جان أوغاسبيان لـ «الحياة»، «في ضوء عدم تضمين قانون الانتخاب الجديد «الكوتا» النسائية، وضع خطة عمل وطنية لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية ودعم وصولها إلى مراكز صنع القرار من خلال دورات تدريب لكوادر نسائية بدأت ومستمرة في مجال إدارة الحملات الانتخابية ومن خلال لقاءات مع المجتمع المدني والإعلام للمساندة في دعم ترشح النساء ووصولهن إلى مراكز صنع القرار ومن خلال حملة إعلامية شعارها «نصف المجتمع نصف البرلمان».

وذكّر بوعد الرئيس الحريري بتمثيل متميز للمرأة والشباب وبـ «أننا سعينا بشأن تضمين قانون الانتخاب الجديد الكوتا النسائية في الحكومة وفي المجلس النيابي وكان هناك أفرقاء مع الأسف امتنعوا عن هذا الأمر واعتبروا الأمر خطاً أحمر وبما أن الأمور في البلد تحصل بالتوافق والإجماع، فمشروع الكوتا لم يمر». ورأى أن «المرأة قادرة أن تحدث تغييراً وتساهم إيجاباً في تصويب العمل وتفعيله للخروج بنتائج أفضل من الوضع الحالي في المؤسسات الدستورية».

وكما هو الحال لدى «تيار المستقبل» تبدو الصورة قريبة لدى «التيار الوطني الحر» الذي ضمّ في كتلته السابقة النائب جيلبيرت زوين. فالتيار بحسب ترشيحاته المعلنة والمسربة لا يبدو أنه يريد إعطاء فسحة كبيرة للنساء كبيرة. ويشرح النائب ألان عون موقف التيار من هذا الموضوع بقوله: «ندرس ترشيحاتنا لكن العدد ليس محسوماً مئة في المئة لغاية اليوم». وأضاف: «بالنسبة لترشيح النساء، ليس لدينا عدد كبير للأسف، نحاول ونسعى لأن يكون في لوائحنا نساء، التيار يستكمل خيار ترشيحاته لكن لا شيء واضحا بعد وحتى أسماء المرشحين الرجال لم تحسم بعد».

وأوضح أن «التيار يقوم باستطلاعات رأي لمحاولة معرفة المرشحين الأوفر حظاً ولديهم قدرة أن ينجحوا في ظل قانون صعب ولديه اعتبارات كثيرة. نرى المدى وإمكان فوز المرشحين إن كانوا نساء أو رجالاً على حد سواء». وقال إن «الموضوع ليس مرتبطاً إن كان المرشح امرأة أو رجلاً. اعتبارنا هو أن يكون لدينا مرشحون أكثر جاهزية انتخابياً من النساء أو الرجال على حد سواء».

وشدد على أن «الاعتبار هو حظوظ النجاح في معركة قاسية، من دون اعتبارات جندرية، ونحبذ المرأة عندما تكون فرص النجاح حقيقية». وقال: «نحن اليوم نتداول ببعض أسماء نساء، ضمن المرشحين المطروحين في بعض الدوائر، وهن في سباق على كف الترشيح لكن نسبتهم ليست مرتفعة كثيراً حتى الآن».

ويستطيع رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن يفاخر بكونه أول من أعلن رسمياً ترشيح امرأة (الوزيرة عناية عز الدين) على لوائح حركة «أمل» و «حزب الله» في الجنوب.

وتبدو الأمور مختلفة وواضحة لدى «حزب الله»، فلا نساء في النيابة، وهو ما أكده النائب حسن فضل الله الذي اتّصلت «الحياة» به لسؤاله عن الموضوع فكان جوابه الإحالة على كلام الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في هذا الموضوع خلال المقابلة مع قناة «الميادين» في 3 كانون الثاني (يناير) الماضي. وقد قال نصرالله وقتها: «في موضوع الوزارة موضوع المرأة وارد، لكن في موضوع النواب لأكون صادقاً وشفافاً، يجب أن يتمّ تصحيح فكرة عمل النائب، أي مثلاً حين حُكي بالكوتا النسائية، لماذا تريدون أن تفرضوا على الشعب اللبناني كوتا نسائية؟ الذي يريد كوتا نسائية، وهذا لمصلحة النساء وليس ضدهن، يجب أن يغيّر مفهوم النيابة في لبنان. اسأل النواب، حتى حين يتناقشون، وعلى المنابر يُحكى، النائب لا يُنظَر إليه بكفاءته السياسية ولا القانونية، لا يُسأل إن كان يحضر في اللجان النيابية أو لا، يناقش أم لا، يحضّر أم لا، يذهب إلى مراكز الدراسات أو لا، كيف تقيّم النائب؟ رأيناه بالتعازي، بالأفراح، في الخدمات، أدخل ابننا إلى الجيش، ركض أمامنا إلى الدوائر العقائرية، بكل صراحة نحن في حزب الله ليست لدينا نساء يقمن بهذه الوظيفة».

ويبدو أن حزب «القوات اللبنانية» سيحفظ مقعداً على الأقل للمرأة ستشغله النائب ستريدا جعجع. إلا أن الأمينة العامة للحزب شانتال سركيس أكدت لـ «الحياة» أن «لوائح القوات ستضم أكثر من امرأة»، وإن كان من المرجح أن تكون هؤلاء المرشحات من حلفاء الحزب وليس الحزبيات المنتظمات. وعليه، لا بد من الانتظار حتى 14 آذار (مارس) المقبل الموعد المحدد لإعلان رئيس حزب «القوات» أسماء المرشحين المدعومين من الحزب مباشرة.

أما الحزب «التقدمي الاشتراكي» فحسم ترشيحاته التي لا تضم أي امرأة على رغم أن الحزب عرف طوال تاريخه نساء مناضلات كان لهنّ نشاط فعال فيه. ولا تبدو الصورة واضحة حتى الآن عند حزب «الكتائب» الذي لم يعلن لائحته النهائية للانتخابات، فيما استبعد الحزب «السوري القومي الاجتماعي» ترشيح أي امرأة بين أسماء مرشحيه.