أحمد رحيم 

«منور المنطقة... أهلاً وسهلاً يا فرانك في شمال أفريقيا». عبارة ترحيب كتبها السفير البريطاني في القاهرة جون كاسن إلى سفير بلاده الجديد في طرابلس فرانك بيكر الذي تسلم مهماته قبل أيام.

بيكر وكاسن سفيران في بلدين يواجهان تحديات استثنائية على اختلاف طبيعتها، ويسعيان إلى تعزيز نفوذ بلدهما بطرق ديبلوماسية ليست تقليدية إلى حد كبير، تهتم بالروابط الشعبية، فضلاً عن العلاقات الرسمية التي تُدار في الغرف المُغلقة.

في القاهرة، تتعالى أصوات «المؤامرة الغربية» ضد الدولة، خصوصاً من بريطانيا- على الأقل على المستوى الإعلامي- لكن كاسن ينشغل بمغامراته في الأحياء الشعبية التي يجول فيها بانتظام. ففي وسط القاهرة يأكل الكشري وفي الإسكندرية لا تفوته وجبة السمك، وفي عيد شم النسيم يُروج لـ «الفسيخ» بوليمة مع أعضاء السفارة في حديقتها، ويستضيف «عربة فول» في ساحتها لإفطار شعبي مصري، ولا يغفل شراء حلوى المولد النبوي الشريف، ويطبخ «الفتة» في عيد الأضحى، ويشتهي الكعك في عيد الفطر، و «السحلب» في ليالي الشتاء القارسة.

كاسن تخطى متابعوه على صفحته على «تويتر» مليوناً قبل أسبوع، وهو يحتفي بالمصريين الذين «علّموه خفة الدم»، حتى بات «يرى مصر بعيون مصرية».

يقتنص الفرص دائماً للتواصل مع الجمهور، من خلال الترويج للاعبي كرة القدم المصريين، خصوصاً الملتحقين بالدوري الإنكليزي، ولا يُفوّت شاردة أو واردة لنجم «ليفربول» محمد صلاح إلا ويعلّق عليها بعبارات عامية. يتباهى السفير بلقاءاته مع نجوم المنتخب المصري لكرة القدم ومديره الفني هيكتور كوبر، ويحتفل كالمصريين بكل نصر للمنتخب، ويتفاعل معه.

كاسن حين أراد إعلان زيارة وفد استثماري بريطاني لمصر من أجل الاتفاق على مشاريع، لم يُصدر بياناً صحافياً بعبارات إطراء للعلاقات ولا تشجيع الاستثمار، لكنه استخدم لغة الـ «سوشيال ميديا»، وكتب: «2018 داخلة برجلها اليمين. موجة جديدة من الاستثمارات البريطانية لخلق فرص عمل»، وهو استطلع آراء متابعيه لتدشين حساب على موقع «انستغرام».

نهج مشابه اتبعه سفير بريطانيا لدى ليبيا فرانك بيكر الذي بدأ مهماته قبل أيام بلقاء مع ناشطي المجتمع المدني في مبنى أثري في طرابلس. بيكر الذي يعمل في دولة «ملتهبة» قال لمتابعيه على «تويتر»، إن من ضمن أولوياته لقاء الشعب الليبي من كل المناطق، وحرص على أن تكون أول نزهة في العاصمة التي باتت محط أنظار القاصي والداني، للتجول في طرقات المدينة القديمة وزيارة «بيت نويجي للثقافة»، الذي استضاف لسنوات القنصلية البريطانية في طرابلس. ونفذ بيكر وعده سريعاً بجلسة في أحد مقاهي العاصمة مع مجموعة من سكان طرابلس وبنغازي ومصراتة والزنتان، قال إنه استمع خلالها لآراء متباينة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، وما يُمكن بلاده أن تقدمه لليبيا.

سفيرا بريطانيا في مصر وليبيا يظهران حرصاً على التواصل العلني مع شعبي البلدين، فهل هذا النهج نابع من سمات شخصية، أم أنه توجّه جديد لحجز نفوذ في منطقة تموج بالاضطرابات؟