مها الشهري

قد يحاول البعض رفض الأفكار التي تأتي على سبيل الفرض ثم يتوقع منهم تصديقها بالقوة، بالرغم من أن هذه الحالة تولد الكثير من الأفكار المتطرفة وتسهم في انتشارها باعتبارها نموذجا من الممارسات العامة والدوغمائية المتمثلة في رفض الآخر ومحاولة التفوق عليه أو إلغائه أحيانا.

حين نأتي إلى سبيل فرض الأفكار، لا سيما تلك التي تستحوذ على العقل وتعطل عمله وتستخدم العاطفة كأداة من أجل تمرير أي فكرة مهما كان نوعها، فهي طريقة تجبر الفرد على أن يحتاج دائما إلى نقيض يعتبر وجوده ضرورة وإن كان وهمياً، بصفة تجعله الجانب المحتوم الذي يضمن استمراره، ليكون مضطراً وبشكل دائم إلى إظهار الجزء النقي والصالح منه، هذا يجعلنا ندرك أن العقل الجمعي في غالب مجتمعاتنا العربية بني على تأسيس الفكرة الواحدة والرأي الواحد، ويعامل كالجمهور الذي تمرر إليه الأفكار بالفرض، دون أن يستطيع الفرد أن يناقش رفضها حتى في داخل نفسه، ويختار أن يعيش ضمن فئة المغلوب على أمرهم كحل أفضل من أن يخالفهم، وهو الخيار الذي يبقي عليه الشعور بالأمان، فالفرد في هذه الحالة يتعامل عقليا وفق ثنائية تقسم الأشياء إلى أضداد، بينما ينتمي لأحدها وبالتالي يعادي الآخر.

الواقع أن كل ما يصدقه المجتمع ويتعارف عليه ويدخله ضمن نطاق التقليد والعادة والمسلّمات لا يجعله أمرا حقيقيا، لكن أغلب الناس يتماشون مع ما يصدقونه حتى ولو لم يعقلوه وبطريقة طوعية وتحت تأثير الانقياد، ليس لشيء سوى أنهم يرون تصديقه واجبا، وصل الكثيرون إلى درجة من اللامبالاة كانت بحاجة إلى العلاج بالصدمة لإزاحة ما يعيق قدرة الفرد على الإبداع والابتكار، ويقف دون تطور المجتمعات بفعل تحكم هذه الحالة في مسارات الحياة الاجتماعية.