أنديرا مطر

مفاعيل زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري، الى المملكة السعودية وانعكاساتها الداخلية والإقليمية، ومصير قضية المقدم سوزان الحاج، والفنان المسرحي زياد عيتاني، شكلا، وسيشكلان مدار اهتمام المشهد السياسي اللبناني خلال الأيام المقبلة.

في ما يتعلق بنتائج زيارة الحريري الى السعودية ولقاءاته مع الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فقد أجمعت أوساط تيار المستقبل على وصفها بالممتازة والمثمرة، فيما ذكرت مصادر سياسية مستقلة للقبس ان مشهدية استقبال الحريري ووداعه بحفاوة بالغة قد يؤشر الى عودة العلاقة اللبنانية السعودية الى سابق عهدها او إلى ما قبل الرابع من أكتوبر الماضي (تاريخ استقالة الحريري من الرياض). وهذا ما سينعكس على التوازنات الداخلية بعد اختلال هذا التوازن لمصلحة حزب الله والمنضوين في فلكه وبفارق كبير. وتشير المصادر الى محورين شكلا جوهر المحادثات مع القيادة السعودية: أولاً، بلورة الدعم السعودي لمؤتمرات الدعم الدولية المرتقبة التي تفتتح بمؤتمر روما 2 في 15 مارس الجاري المخصص لتعزيز قدرات الجيش ودعم المؤسسات الامنية، ويليه مؤتمر سيدر 1 لدعم الاقتصاد اللبناني في 6 ابريل المقبل في باريس. وثانياً موضوع الاستحقاق النيابي المقبل.
وكشفت مصادر القبس ان السعودية أبلغت الحريري انها ستكون داعمة في هذه المؤتمرات التي يعول عليها لبنان للنهوض باقتصاده المتردي ولدعم قواته الشرعية.

تحالفات مريحة

وفي الشق الانتخابي، تتوقع المصادر اتساع حركة الحريري تجاه حلفائه القدامى، إضافة الى اعلان تيار المستقبل لوائحه في الأيام المقبلة الذي سيترجم تمنيات القيادة السعودية في الموضوع الانتخابي من دون أن يعني ذلك انها فرضت على الحريري تفكيك تحالفه مع التيار الوطني الحر في بعض الدوائر، الا ان التوجه الحالي لتيار المستقبل هو خوض الانتخابات منفردا، اذ ان القانون الحالي يريحه من عبء التحالفات ما خلا بعض الدوائر كصيدا وجزين التي يفيده التحالف فيها مع بعض القوى، لا سيما التيار الوطني الحر. وكان لقاء مسائيا عقد بين وزير الاعلام ملحم رياشي (القوات اللبنانية) والرئيس الحريري قد يشكل الكلمة الفصل في طبيعة العلاقات المستقبلية والتحالفات بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل.

عزوف السنيورة

ومع اقتراب اقفال باب الترشيحات في السادس من مارس الحالي، تعكف القوى السياسية على إنجاز لوائحها الانتخابية. وفي هذا السياق، أعلن رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة، عزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية المقبلة، مؤكدا ان اعلان العزوف لا يعني ابتعاده عن تيار المستقبل. وأشار السنيورة في مؤتمر صحافي الى ان القانون الانتخابي الحالي اقرب الى القانون الارثوذكسي ويتعارض مع الدستور في طريقة تقسيم الدوائر الانتخابية ولا يعطي اي دور للبرامج الانتخابية.
وكان الحريري قد زار السنيورة في منزله فور عودته من السعودية طالباً منه المضي بترشحه في صيدا، الا ان ترشح السنيورة في صيدا، بحسب كل الاستطلاعات الانتخابية، لم يكن مضمون النتائج؛ لكون المقعدين السنيين بحسب هذا القانون محجوزين للنائب بهية الحريري ولأمين عام التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد. وقد يكون هذا ما دفع بالسنيورة إلى العزوف عن الترشح.

فضيحة الحاج – عيتاني

على صعيد آخر، تحولت قضية المقدم في قوى الامن الداخلي سوزان الحاج والممثل المسرحي زياد عيتاني، الى «قضية وطنية» بحسب الرئيس ميشال عون، كأنه في هذه العبارة يغطي الفضيحة التي لحقت بالأجهزة الامنية، وعلى تقاسم هذه الأجهزة بين الزعماء السياسيين. وما حدث من تسريبات إعلامية وتضارب في معلومات أثناء التحقيق مع عيتاني، ربما يحدث حالياً مثله مع المقدم الحاج الموقوفة رهن التحقيق. وهذه إشارة خطيرة تعيد لبنان الى ما كان يحدث في زمن الوصاية السورية عندما كانت تفبرك الملفات بغرض تصارع الأجهزة في ما بينها. وبدأت تطرح تساؤلات حول ما اذا كانت المقدم الحاج هي الأخرى ضحية هذه الفبركة عبر تسريب معلومات للاعلام كما حصل مع عيتاني.

أجهزة متنازعة

قدمت هذه القضية صورة مفجعة وفضائحية عن العمل الأمني القضائي في لبنان لم تتبين مآلاتها بعد وان كشفت الثقة الهشة وعدم التنسيق بين الاجهزة الأمنية التي يسعى كل منها الى تسطير انجاز له لحساب زعيم من السياسيين. وهذا في وقت تحشد الحكومة اللبنانية لانجاح مؤتمرات الدعم الدولية المرتقبة وتطالب الدول الغربية والخليجية بمساعدتها من دون ان تقدم هي (الدولة) على إصلاحات مالية وقضائية تحفز هذه الدول على تقديم الدعم لها.
خطورة هذا القضية دفعت بالرئيس عون إلى وضع يده على هذا الملف، والطلب من المدير العام لمديرية امن الدولة خلال استقباله قبل يومين ان تكون التحقيقات مع المقدم الحاج في فرع شعبة المعلومات بوجود القاضي وحده والا فليحضر ضابط من كل جهاز وهو ما يوحي بعدم ثقة الأجهزة الأمنية ببعضها ببعض.
وفي آخر مستجدات هذه القضية، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية السابق ونقيب محامي الشمال السابق رشيد درباس، اليوم، تسلمه ملف المقدم الحاج كوكيل عنها.
وكانت معلومات قد اشارت الى ان النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود مدد مهلة توقيف الحاج 48 ساعة، لافتة الى ان المواجهة بين المقدم سوزان الحاج والمخبر او المقرصن ا.غ لن تحصل اليوم (امس). وذكرت ان فرع المعلومات لم يسلّم قاضي التحقيق العسكري التقرير الفني في قضية عيتاني.