محمد بن نواف

المملكة تتغير والتغير سريع. يزور مهندس ذلك التحول الاقتصادي والاجتماعي صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال هذا الأسبوع عواصم جمهورية مصر العربية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة موضحاً خططه ومناشداً للدعم.

وفي صميم رسالته جهد لنقل المملكة من الاقتصاد المعتمد على النفط إلى اقتصاد أكثر تنوعاً. ويؤكد سموه كجزء من ذلك الجهد عرضه للفرص التجارية العالمية في جميع مجالات الصناعة والخدمات.

وبالنسبة لبريطانيا فليس هناك وقت أكثر ملاءمة لزيارة سموه من الوقت الحالي، حيث تسعى المملكة المتحدة إلى اعادة تشكيل اقتصادها وتكوين علاقات تجارية جديدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وفي هذه الناحية يمثل توسع السوق السعودي فرصة مهمة.

لكن التجارة بين بريطانيا والمملكة العربية السعودية ليست ظاهرة جديدة، فلقد ظل البلدان يتمتعان بعلاقة قوية ووثيقة لما يقارب المائة عام.

وليس هناك من شك ايضاً في ان صورة المملكة العربية السعودية كما يرسمها الاعلام في المملكة المتحدة كثيراً ما تكون سالبة. لكننا وبرغم ذلك نطلب ونشجع الشعب البريطاني لينظروا إلى بلدنا من خلال العدسة الجديدة التي وفرها برنامج ولي العهد الاصلاحي رؤية المملكة 2030 والذي سيشرحه هذا الأسبوع.

إن التغير الاجتماعي في أمتنا تغير حقيقي وهو يحدث بسرعة. مثلاً أصبحت النساء قادرات على قيادة السيارات الآن وأكثر من نصف الخريجين من الجامعات هن من النساء. وأصبحت تماضر بنت يوسف الرماح أول نائبة لوزير لتشغل أعلى منصب حكومي في المملكة للمرة الأولى. والمرأة السعودية منذ الآن تشارك بروح المبادأة في المجتمع التجاري للبلاد وتسهم في اقتصادنا. لقد رفعنا الحواجز التي كانت تمنع النساء من البدء في انشاء أعمالهن التجارية الخاصة وشركاتهن.

تنفتح صناعة الثقافة والترفيه ايضاً في المملكة – حيث ستنظم الهيئة العامة للترفيه أكثر من 5000 عرضاً ومهرجاناً وحفلات موسيقية مفتوحة خلال عام 2018 وهو ضعف ما نُظم العام الماضي.

وقد تبدو بعض التغيرات بسيطة أمام العين الغربية لكن إذا أخذنا هذه التغيرات مجتمعة فهذه الخطوات المتزايدة تضاف إلى بعضها البعض لتمثل قفزة كبيرة في التحول الاجتماعي والاقتصادي.

نحن لا نعيش وهماً ايضاً ازاء التحديات الماثلة أمامنا، فالتحديث لن يكون سهلاً ولن يكون هدفاً بوسعنا تحقيقه لوحدنا. سنحتاج لدعم وخبرات الآخرين. لذلك ونحن ننتقل بعيداً عن اعتمادنا التاريخي على النفط، ستُفتح فرصاً تجارية هائلة للشركات البريطانية لتعمل وتستثمر مع المملكة العربية السعودية.

وبالنسبة للمملكة المتحدة على وجه الخصوص يمثل ذلك فائدة كبيرة. فمنذ الآن المملكة العربية السعودية هي أكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة في الشرق الأوسط، بما يفوق مائتي 200 شركة تساوي 11.5 مليار جنيه إسترليني، منها على سبيل المثال بنك HSBC وشركة ماركس آند سبنسر وجاغوار ولاند روفر.

وازدادت هذه العلاقة التجارية الثنائية بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية خلال الخمس سنوات الماضية بأكثر من £2.3 مليار جنيه إسترليني، وبلغ تدفق البضائع والخدمات بين البلدين خلال عام 2016 أكثر من 8 مليار جنيه إسترليني. أصبحت المملكة العربية السعودية بالفعل الوجهة الرئيسية لصادرات وواردات المملكة المتحدة، لكن الفرصة هائلة للمزيد من النمو وبمعدل أسرع مع البدء في تطبيق رؤية المملكة 2030 والابتعاد عن الاقتصاد المعتمد على النفط.

ستبني زيارة سمو ولي العهد السعودي المزيد على أساس علاقتنا الحالية وتوسعها وتطور المزيد من الروابط في مجالات التعليم والصحة والتدريب والثقافة والفنون.

وبما ان المملكة العربية السعودية تتطلع إلى اعادة صياغة اقتصادها، فاننا سنقوم بتطوير التكنولوجيا والصناعات المبتكرة لتنمية قطاعي الخدمات والسياحة وتوسيع بنيتنا التحتية عن طريق بناء المساكن الجديدة وطرق المواصلات والمستشفيات والفنادق.

ومع تطلع بريطانيا لدعم ازدهارها عن طريق انعاش العلاقات التجارية العالمية فان شركاتها الكبيرة والمتوسطة والصغيرة لها مكانها لتلعب دوراً رئيسياً في التحول في المملكة العربية السعودية. تعالوا واعملوا معنا وعززوا الاقتصاد البريطاني عن طريق مساعدتنا في بناء اقتصادنا.