كلمة الاقتصادية

مخططات المملكة على صعيد الغاز استراتيجية بحتة، وهذه المخططات الضخمة، تحاكي كل الحراك الاقتصادي التنموي العام، ضمن "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. والسعودية كان لديها مثل هذه المخططات الضخمة سابقا، إلا أن الأوان حان لإطلاقها، لأنها في الواقع مكملة لمسيرة البناء الاقتصادي ككل. واستراتيجية الطاقة السعودية (بكل أنواعها) تمضي قدما على طريق التنفيذ أو التطوير، وتمثل حجر الزاوية للتنمية، بما في ذلك توجيه الاستهلاك المحلي للطاقة، ورفع أسعار الوقود، وغير ذلك مما تتطلبه المخططات المحلية. يضاف إلى ذلك، أن المملكة تتصدر البلدان النفطية من حيث رؤيتها المستقبلية للطاقة بشكل عام، فضلا عن أنها رصدت تمويلات ضخمة لتحقيق الأهداف ضمن المدة الزمنية في هذا المجال.

من هنا يمكن فهم توجه السعودية لمضاعفة إنتاج الغاز الطبيعي في البلاد، خلال السنوات العشر المقبلة. والهدف الرئيس من ذلك، أنها ترغب في تصدير أكبر كميات ممكنة من النفط الخام، عن طريق تقليص حجمه في الاستهلاك المحلي. فمحطات الطاقة المحلية، مثلا، ستكون معتمدة بشكل كلي على الغاز بدلا من النفط. والمملكة قادرة بالطبع على إنتاج الكميات المطلوبة من الغاز، بحكم الاحتياطيات الهائلة من هذه المادة، تضاف إليها، الثروة الخاصة بالصخر الزيتي أيضا، التي تتمتع بها البلاد إلى جانب الثروات الأخرى الكامنة. فبحسب مجلس الطاقة العالمي، تقدر احتياطيات السعودية من الغاز القابل للاسترداد بـ 7. 49 مليار طن من النفط المكافئ، في حين أن الاحتياطيات المؤكدة من الغاز بلغت 8. 489 تريليون متر مكعب في عام 2014.

أي أن بإمكان السعودية المضي قدما في مخططاتها المشار إليها، خصوصا أنها تستهلك ما يقرب من ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام يوميا. كما أنها تستند إلى أرضية صلبة في هذا المجال، بما في ذلك بالطبع موارد الغاز الصخري التي تعتبر ضخمة للغاية. 

ويشير مراقبون مستقلون إلى أنه من المحتمل أن تحتوي أحواض الصخر الزيتي في المملكة على كميات هائلة من الغاز تفوق التقديرات والتوقعات المسبقة. وهذا يعني أن السعودية تتمتع بقدر كبير في هذا المجال، سواء على صعيد الغاز التقليدي أو الصخري. ولأن الأمر كذلك، فإن مخططات التحول المحلي لاستخدام الغاز بدلا من النفط ستشهد عمليات تنفيذ سهلة وواقعية، وفي الوقت نفسه يتم تحويل ما يتوافر محليا من النفط الخام إلى التصدير.

ويؤكد مجلس الطاقة العالمي، أن ما تخطط له المملكة أمر طبيعي، من أجل تعظيم صادراتها النفطية. كما أنها مؤهلة لإنتاج 23 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وهو مستوى كبير بالفعل. بالطبع هناك تفاصيل كثيرة لبدء تنفيذ المخططات المشار إليها، بما في ذلك التكلفة المطلوبة لعمليات استرداد الغاز الطبيعي، غير أن كل المؤشرات تدل على أن التوجه السعودي استراتيجي محوري، ويرتبط بكثير من القطاعات الموجودة على الساحة المحلية، والأهم أنه ينسجم مع مبادئ وأسس ومخططات "رؤية المملكة". فهذه الأخيرة هي التي تبني الاقتصاد الوطني حاليا، وتتضمن كل ما يتعلق بالتنمية.

ومن أهم إيجابيات هذه المخططات، أن أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية تتحسن، بفعل اتفاق خفض الإنتاج العالمي، والجهود السعودية على وجه الخصوص للحفاظ على التفاهمات والاتفاقات بين البلدان المنتجة داخل "أوبك" وخارجها. فكل برميل يتم تحويله من الداخل إلى الخارج، يعني مزيدا من العوائد التي تخدم الساحة المحلية.