خالد أحمد الطراح 

طغت بكثافة على الساحة الإعلامية والفضاء الإلكتروني تحديدا مقالات وآراء ذات طابع ثأري من التيار الإسلامي بشكل منفر حتى لمفكرين وكتاب ذوي رؤى علمية هادفة ومستنيرة لهم مواقف ووجهات نظر من كتاب ومفكرين إسلاميين لكنهم يركزون على ثقافة الحوار وليس تناول قشور بعض الأمور مثلما يميل له البعض الآخر، وهو ما يدفع آخرون من المنتسبين للتيار الإسلامي الرد بنفس المستوى!..


يلاحظ أيضا هبوط مستوى النقاش والتسطيح في الكتابة وتفسير التغييرات الاجتماعية والثقافية التي تشهدها الكويت لتأثير ما يفضل البعض تسميته بمفردات غير رصينة، من دون تناول مثل هذه المتغيرات والسياسات من جوانب صحيحة وتحديد من المسؤول عن التغيير في المناخ الاجتماعي وحرية التعبير ومن المسؤول عن الخضوع والاستسلام لكل ذلك!
صحيح أن كويت الماضي تختلف عن كويت اليوم سياسيا وثقافيا وفنيا، أيضا، لكن مناقشة مثل هذه الأمور تتطلب الموضوعية والطرح العقلاني باحترام كل الآراء دون إقصاء أو اجتزاء للحقيقة والواقع كما يحصل في بعض الكتابات المبتورة والمنحازة فقط لتوجيه سهام النقد بصورة شكلية بحتة لتيار محدد من خلال تصرفات وسلوكيات فردية لا تمثل الجميع، بينما يتم، كليا، تجاهل قضايا اجتماعية كالطائفية والمذهبية والجهات والأفراد الذين يدعمون مثل هذه النزعات الكريهة!
في المقابل، هناك مفكرون وكتاب إسلاميون وليبراليون يتعمقون في جدل موضوعي من زوايا فقهية وشرعية وثقافية دون الانزلاق إلى هاوية التجريح من أجل الارتقاء بالحوار وتصدير رؤاهم بأساليب ودية غير منفرة حتى تستفيد كل الأطراف المهتمة والمعنية من مثل هذه الحوارات حتى يتمكن الفرد من اتخاذ الموقف المناسب بناء على رؤى بصيرة وحكيمة.
بعض الكتاب ممن يرفع رايات مختلفة يهوون أساليب الاستهزاء والاستخفاف دون إدراك أن التركيز في تناول قشور الأمور من الممكن أن تنتج عنه إثارة نعرات طائفية ودينية دون مبرر منطقي وبشكل مقزز لا يخدم مصلحة دعم ثقافة الحوار ومعالجة مصادر التراجع الثقافي الكويتي.
لست شخصيا من ممثلي التيار الإسلامي ولا اتفق أيضا مع الارتجال والرعونة في الطرح والنقد من أي تيار كان، ولكن هناك عددا ممن يقودون انقلابا على ثقافة الحوار بالثأر إلى درجة الهلوسة في الكتابة وممارسة المراهقة في التعبير!
الثأر ليس لغة حوار بناء وهادف، وإنما هو في الحقيقة أسلوب لتدمير العقول والمجتمع أيضا، خصوصا فئة الشباب التي تنتظر منا مساعدتها على تجاوز تحديات اليوم بالحكمة وفطنة التفكير والتدبير.
هناك من يسعى إلى تعويض خسارته المجتمعية عبر البحث عن دور جديد أو نافذة إعلامية ليطل منها من خلال ممارسة العبثية في التصريح والكتابة والتغريد والتعبير بعد فقدان توازنه الذهني والاجتماعي!