باريس 

باشرت الصحافة الأوروبية الترحيب بالرواية التي شارك الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في كتابتها وعنوانه «اختفاء الرئيس» والتي بدأت دور نشر تتهيأ لإصدارها في ترجمات عدة لتصدر بالتزامن مع الطبعة الأميركية المنتظرة في حزيران (يونيو) المقبل عن دارين معروفتين هما «ألفرد كنوبف» و «ليتل، براون أند كومباني». وإن لم تكن الكتابة الثنائية المشتركة للأعمال الروائية جديدة وقد خاضها كتاب كثر، فاللافت في هذه الرواية أن جيمس باترسون الذي شارك الرئيس السابق كتابتها هو روائي شهير وكتبه تعرف رواجاً كبيراً. وكتبت جريدة «لو فيغارو» الفرنسية مثلاً أن كلينتون تحوّل روائياً بوليسياً ليكشف أسراراً مهمة من أدراج البيت الأبيض.

يُعدّ جيمس باترسون من الكتاب الأشد غزارةً في الولايات المتّحدة، وكتبه حاضرة دوماً على قائمة المؤلفات الأكثر مبيعاً، ويُعزى الأمر جزئياً إلى اعتماده على مجموعة شركاء تأليف أقلّ شهرةً منه. لكنه هذه المرة قرّر التعاون مع شخص أشهر منه بكثير في روايته الجديدة، هو الرئيس السابق بيل كلينتون، في مبادرة أدبية نادرة يُقدِم عليها هذا الأخير. وهذا يعني أن الرواية ستحقق رواجاً كبيراً أميركياً وعالمياً.

وعلى رغم الاستعداد الأخير لإصدار الرواية فلا تزال شروط الشراكة بين الطرفين غامضة ولم تخرج إلى العلانية، والإعلان الذي يروّج لصدور الرواية ليس واضحاً في شأن تفاصيلها، وقد ورد فيه أنها «مزيج فريد من الغموض والتشويق وأسرار كواليس الدراما العالمية»، وأنّها استندت إلى تفاصيل داخلية لا يعرفها أحد غير رئيس البلاد».

ظهرت فكرة المشروع في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، عندما خطر للمحامي روبرت بارنت من شركة «وليامز أند كونولي»، الذي يمثّل كلينتون وباترسون، أن يجمع هاتين الشخصيّتين لتأليف رواية مشتركة، وفق ما كشف شخص مطّلع على تفاصيل المشروع، وقد رفض هذا الأخير الكلام علناً لأنّ الناشرَين يتحفّظان عن شأن تفاصيل الإصدار. ومن المعروف أيضاً أنّ المحامي بارنت، الذي يمثل أيضاً أسرة أوباما، وهيلاري كلينتون، وجورج بوش الابن، ولورا بوش، وسياسيين آخرين، كان أول من اتصل بالرئيس كلينتون ليرى إن كان مهتماً بالتعاون مع باترسون على تأليف رواية.

تحمّس كلينتون لهذه الفكرة، لكونه يقرأ روايات باترسون الشيّقة والمثيرة منذ وقت طويل. وبالتالي، حمل بارنت الفكرة إلى باترسون، الذي صاغ الخطوط العريضة للرواية. ثم ما لبث الإثنان أن انتهيا من تأليف عددٍ من فصول الرواية، التي حرّرها سوني ميهتا، رئيس مجلس إدارة «كنوبف دابلداي بابليشينغ غروب»، بالتعاون مع مايكل بيتش، الرئيس التنفيذي لمجموعة «هاشيت غروب».

صحيح أنّ كتابة المذكرات أصبحت أشبه بالمعيار بالنسبة إلى الرؤساء السابقين، إلاّ أنّ قلّة منهم فقط أقدمت على إصدار روايات بعد مغادرة المكتب البيضاوي. في العام 2003، أصدر جيمي كارتر رواية تاريخية بعنوان «وكر الدبابير»، تدور أحداثها خلال الثورة الأميركية. لكنّ عدداً من المراقبين المقرّبين من كلينتون، ممّن يحبّون الروايات الغامضة وقصص المغامرات، يقولون إنّ قرار الرئيس السابق بالمشاركة في تأليف رواية لم يفاجئهم كثيراً. في رسالة مبعوثة بالبريد الإلكتروني، أفاد جو كلاين، المعلق السياسي ومؤلف روايتَي «الألوان الأولية» و «الطبيعي» التي تسرد أحداث حقبة كلينتون الرئاسية، قائلاً: «لطالما كان كلينتون متعدّد المهمات وقارئاً للقصص الغامضة».

من المستغرب طبعاً أن يتعاون رئيس سابق على تأليف قصة مغامرات مع كاتب شهير، لكنّ المفاجئ أيضاً أن تقرّر دارا نشر كبيرتان ومتنافستان إصدار الرواية معاً، مع إبراز علامتيهما التجارية جنباً إلى جنب على كل النسخ.

سبق أن احتلّ كلينتون مكانة بارزة على صعيد تأليف الكتب الأكثر مبيعاً، بعد أن باع أكثر من مليوني نسخة من مذكراته، بعنوان «حياتي»، في الولايات المتّحدة سنة 2004، وقد صدرت عن دار نشر «كنوبف». وأكّد كلينتون في بيان أنّه لطالما كان من هواة روايات باترسون، وقال: «إنّ التعاون على سرد حياة رئيس أثناء تولّيه مقاليد الحكم ، مع التعليق على ما أعرفه عن هذه المهنة، وعن الحياة في البيت الأبيض، وعن آلية سير الأمور في البيت الأبيض– هو عمل ممتع للغاية». أمّا باترسون، المعروف عالمياً، فيرى أنّ التعاون مع كاتب أكثر شهرة منه على تأليف كتاب هو تجربة تُشعره بالخشوع. وقال باترسون في هذا الصدد: «لقد شكّل التعاون مع الرئيس كلينتون ذروةً في مسيرتي المهنية. وقد سمح لي بالاطلاع على تجربته الرئاسيّة أوّلاً بتوثيق روايتي بطريقة فريدة فعلاً». وأضاف: «أنا روائيّ، وبفضل أفكار الرئيس كلينتون، تمكّنّا من سرد رواية شيّقة فعلاً. وهي حتماً شراكة نادرة، ولا شكّ في أنّ القرّاء سينجذبون إلى عامل الإثارة، لكنّهم سيعرفون أيضاً ما تكون عليه حياة رئيس البلاد».