سمير عطا الله

 كرّم مهرجان الكتاب السابع والثلاثون في انطلياس، مسقط عاصي ومنصور الرحباني، هذا العام، المؤلف المصري اللبناني فارس يواكيم، الذي اشتهر قبل أي شيء، بالمسرحيات التي وضعها وأخرجها لأشهر ممثل كوميدي في تاريخ لبنان، شوشو، المولود حسن علاء الدين.

وقدم المكرم الزميل محمد علي فرحات، ومن ثم تحدث هو إلى الحضور عن تجربته في الفن والأدب، منذ أن تخرج من كلية الفنون في القاهرة بواحدة من أعلى العلامات التي عرفها طلابها. وكان الفنان الآخر عبد الوارث عسر يدرس فن الخطابة، فأعطى الطالب القادم من الإسكندرية 98 على مائة، معتذراً عن أنه لا يجوز أن يعطيه العلامة التي يريدها.
تحدث يواكيم عن نفسه حوالي نصف ساعة في مهارة الممثل وبراعة المخرج وتواضع المؤلف. وأهمل الإشارة إلى أعماله المترجمة عن الألمانية أو الفرنسية، وعن مؤلفاته في الأدب والشعر والتاريخ، وخصوصاً تاريخ الهجرة اللبنانية إلى مصر.
كذلك، لم يتحدث، لضيق الوقت، عن براعته الكبرى في الاقتباس، أو «التبني»، أي الاستناد إلى مسرحية أجنبية لنقلها في صيغة كاملة التعريب. وقد ضحكنا لشوشو يومها دون أن يخطر لنا مرة التوقف عند اسم المؤلف المنقول عنه في الأصل.

ربما كان من السهل أن تؤلف لشوشو، وربما كان ذلك صعباً. فهو كان قادراً على تلبُّس أي شخصية ترسمها له، لأنه سوف يذيبها في شخصه في أي حال، ويعلقها فوق شاربيه المضحكين. ويتهيأ لي أن يواكيم تأثر بالمدرسة المصرية الكبرى في الاقتباس والتعريب. هكذا فعل من قبل نجيب الريحاني، أمير العبقرية الضاحكة، ورفيقه بديع خيري، اللذان عرَّبا، أو بالأحرى، «مصّرا» أعمال الفرنسي مارسيل بانيول. وهذا ما حصل في بدايات المسرح المصري الدرامي، إذ ترجمت مسرحيات فرنسية أو شكسبيرية، لسبب بسيط، هو ندرة المسرحيات العربية.
غالباً ما يخرج التعريب عن مجموع النص الأصلي، مكتفياً بالفكرة فقط، إذ تطغى شخصية الممثل على الدور. فهل يمكن أن نتصور الريحاني فرنسياً؟ هكذا فعل علي سالم أيضا في «مدرسة المشاغبين» أشهر مسرحية حديثة. فقد نقلها عن الفيلم البريطاني «إلى المدرس، مع حبي»، لكن ماذا بقي من الأصل بعد ظهور عادل إمام وسعيد صالح وأحمد زكي ويونس شلبي على المسرح؟ شوشو كان يلغي النص، موضوعاً أو مترجماً، وهذا هو السر الذي أدركه فارس يواكيم فوراً. وبنى عليه.