جيمس بوليتي 

قبل إجراء الانتخابات العامة الإيطالية هذا الشهر، كان هنالك تساؤل كبير عما إذا كان بإمكان سيلفيو برلسكوني، قطب الإعلام ورئيس الوزراء السابق الذي يبلغ من العمر 81 عاما، ترويض ماتيو سالفيني، شريكه الشعبوي الأصغر في الائتلاف، في المحادثات التالية للانتخابات من أجل لتشكيل حكومة ائتلافية يمينية عريضة.
بعد أن منح الناخبون الإيطاليون مكاسب انتخابية ضخمة لصالح سالفيني، ما جعله القوة المسيطرة في معسكر اليمين، تحولت الأمور. سالفيني الآن هو من يحاول الآن كسر الجمود الذي جاء بعد الانتخابات وتشكيل حكومة – فيما بات برلسكوني هو من يتكفل بالتسبب في المتاعب.
يوم الجمعة قبل الماضي، سيطرت التوترات الناشبة بين معسكر برلسكوني وحزب سالفيني أي عصبة الشمال، على عملية تشكيل مقاعد البرلمان الذي يتألف من مجلسين، والتي بدأت بانتخاب رئيس لكل مجلس من المجلسين.
كان برلسكوني يصر على أن حزبه، أي (هيا إيطاليا)، له أحقية بواحد من منصبي رئيسي المجلسين، رغم تراجع الأداء في الانتخابات، في الوقت الذي ينبغي فيه على العصبة أن تأخذ المقعد الخلفي. وقد أدى ذلك إلى إحباط المسؤولين من الحزب الذي يقوده سالفيني الذي يناهض التكامل الأوروبي.
يقول جوليلمو بيتشي، مشرع من حزب العصبة من توسكاني: "لا يزال برلسكوني في طور الإفاقة من الصدمة التي تعرض لها في الانتخابات - لذلك لا أعلم ما نوع الدور الذي يمكنه المطالبة به. لقد كان الرجل هو الرئيس على كل شيء، لكنه الآن بحاجة على التكيف مع دوره الثانوي الجديد".
بعد الاجتماع الذي عقد في روما يوم الأربعاء قبل الماضي، بهدف تسوية الخلافات فيما بينهما، أصدر كل من برلسكوني وسالفيني بيانا يقترحان فيه أنه ينبغي على ائتلافهما الفوز بمنصب رئاسة مجلس الشيوخ، في الوقت الذي يجب أن تذهب فيه رئاسة مجلس النواب إلى حركة فايف ستار المناهضة للمؤسسة الحاكمة، الرابح الأكبر الآخر.
مع ذلك، لم يقترح برلسكوني وسالفيني اسم مرشح مشترك لمجلس الشيوخ، أو يقولا من أي حزب ينبغي أن يأتي. 
التوترات داخل التحالف اليميني ما هي إلا جزء واحد من المناورات الحاصلة قبل أن يبدأ سيرجيو ماتاريلا، رئيس الجمهورية، مشاوراته الرسمية حول كيفية تشكيل الحكومة. اليمين المنقسم سوف يعقِّد أكثر من قبل مهمة ماتاريلا.
استياء برلسكوني لا يأتي من عدم تقلد منصب قوي في البرلمان، بل هو أيضا علامة على خوف أوسع نطاقا بأن سالفيني يدرس ولو بتمهل أو في الخفاء، إبرام تحالف مع لويجي دي مايو، زعيم حركة فايف ستار- لتولي حكم البلاد.
سيرى كثير من المستثمرين وصناع السياسة الأوروبيين أن ذلك هو أسوأ نتيجة محتملة، باعتبار أنها تجمع بين حزبين ينتقدان علنا سياسات الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو. 
خلال فترة الحملة، وصف برلسكوني حركة فايف ستار بأنها تشكل تهديدا لإيطاليا أكبر من الشيوعية، محذرا من أنها سوف تزيد الضرائب، وتزيد الفقر من خلال تقديم هبات للفقراء، وتغالي في الحملة ضد الفساد. 
وقد حذر حليفه سالفيني من أن التفاهم مع دي مايو سوف يكون أمرا صعبا بسبب المنصات المتنافسة، وقد ينذر بخطر تقسيم التحالف اليميني على الصعيد الوطني وعلى المستوى المحلي. 
يقول المحللون إنه من غير الواضح ما هو مستوى النفوذ الذي لا يزال يحظى به برلسكوني إلى الآن، إن وجد.
تقول صوفيا فينتورا، أستاذة العلوم السياسية في جامعة بولونيا: "سالفيني هو الزعيم الحالي، وهو في سبيله إلى الصعود، ولن يسمح لبرلسكوني بإبطاء مشاريعه".
يتساءل البعض عما إذا كان يتعين على برلسكوني التراجع واتباع قيادة سالفيني - بقبول حكومة بالاشتراك مع فايف ستار. 
يقول فرانسيسكو جاليتي، المحلل لدى مركز بوليسي سونار في روما: "يشعر برلسكوني بالغضب لأنه يرى سالفيني وهو يتحدث مع دي مايو، لكن عاجلا أو آجلا سيكون التساؤل حول ما إذا كان سينتهي به الأمر في البقاء معهم تحت سقف واحد".
انتخابات مجلس الشيوخ وفرت بعض الدلائل على نفوذ برلسكوني، فقد انتخب مجلس الشيوخ رئيسه الـ27 وهي مرشحة تحالف اليمين عن حزب هيا ايطاليا، أي حزب برلسكوني المحامية وعضوة مجلس القضاء الأعلى ماريا كازيللاتي بأغلبية 240 صوتا من مجموع أعضاء المجلس البالغ 320.
لقد تلى ذلك استبعاد باولو روماني، أول مرشح لهذا المنصب من قبل حزب هيا إيطاليا (فورزا إيتاليا)، سيظهر ذلك بأنه يحتفظ بنفوذ كبير.
كان من شأن فوز مشرع من العصبة - وقد أشار البعض إلى جوليا بونجورنو، وهي محامية مشهورة في الدفاع الجنائي كأول خيار لدى سالفيني – أن يكشف ذلك عن مدى ضعف برلكسوني.
يصر المسؤولون الرسميون في العصبة على أنه، في كلا الحالتين، قبل الانتخاب، كان المبكر جدا التحدث حول اتفاقية مع فايف ستار لتشكيل حكومة. ويقولون إن أولوية سالفيني تظل تعزيز موقفه داخل التحالف اليميني، وليس تعريضه للخطر.
يقول بيتشي: "لن نعقد الأمور من خلال التخلي عن الائتلاف في تيار يمين الوسط. بذلنا جهودا كبيرة لنصبح نحن القوة الرائدة لذلك التيار - لن نذهب الآن وننضم إلى ركب فايف ستار على منصة بعيدة جدا عنا في الكثير من الجوانب".
في الواقع، الآفاق المثالية بالنسبة لسالفيني ربما تكون ببساطة هي الاستفادة من تراجع برلسكوني. يمكن أن يقوم بذلك إما من خلال جلب بعض أعضاء النواب من حزب فورزا إيتاليا ليكونوا في معسكره، أو من خلال الجدال لصالح إجراء انتخابات جديدة هذا العام أو العام المقبل، التي من المتوقع أن يكون أداء حزب العصبة فيها أكثر قوة. 
يقول دنكان ماكدونيل، أستاذ العلوم السياسية والخبير في الشعبوية الأوروبية في جامعة جريفيث في بريسبين في أستراليا: "إذا واصل سالفيني التقدم على مساره، فإن بمقدوره الاستمرار في اجتذاب ناخبيهم. وربما سيشعر عدد كبير من ممثلي حزب فورزا إيتاليا كذلك بالإغراء، للقفز من سفينة برلسكوني الغارقة".