أسامة سليمان من فيينا

أكد لـ"الاقتصادية" محللون دوليون أن السعودية سوف تتمتع بفرص تصديرية هائلة في مجال الطاقة الشمسية مع المضي قدما في تنفيذ أضخم محطة للطاقة الشمسية في العالم بالتعاون مع مجموعة "سوفت بنك" اليابانية، حيث سيكون المشروع قادرا على توليد طاقة بحجم 200 جيجاواط بحلول عام 2030.

وقال المحللون إن السعودية لديها طاقات إنتاجية هائلة من الطاقة الشمسية وتتجه إليها الأنظار باعتبارها مركزا إقليميا ودوليا مهما لهذه الطاقة نظرا لطبيعة الطقس بها وغناها بالأشعة الشمسية الوفيرة، موضحين أن التحدي الكبير كان ارتفاع تكاليف إنتاج المحطات الشمسية وهو الأمر الذي وجد حلا بإقبال المجموعة المصرفية اليابانية على الاستثمار في هذا المجال بحجم مليار دولار في أول عام.

وأشار الدكتور أمبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في سويسرا، إلى أن صادرات السعودية من الطاقة الشمسية ستجد طريقها إلى الأسواق الخارجية في ضوء النجاح المتوقع للمشروع الجديد بالتعاون مع المجموعة اليابانية، علاوة على أن إنتاج الطاقة الشمسية بوفرة في السعودية سيسهم في زيادة إنتاج الكهرباء التي تعتمد حاليا على استهلاك مرتفع من النفط الخام.
وأوضح أن الأمير محمد بن سلمان ولى العهد يقود تغييرا شاملا في وضع الاقتصاد من خلال تقليل الاعتماد على صادرات النفط الخام واستبدالها باقتصاد متنوع يقوم على زيادة الاستثمار في موارد الطاقة المختلفة خاصة الطاقة المتجددة وعلى رأسها الطاقة الشمسية ذات الإمكانات الوفيرة في السعودية.

من جانبه، أكد فينسيزو أروتا مدير شركة تيميكس أوليو الايطالية للطاقة، أن مشروع الطاقة الشمسية الجديد في السعودية، يعد واحدا من أضخم المشاريع العالمية في هذا المجال، حيث تصل الاستثمارات فيه إلى 200 مليار دولار، كما أنه يتضمن كل الصناعات المرتبطة بهذه الطاقة مثل صناعة الألواح والبطاريات وغيرها، وهو ما سيجعل السعودية مركزا صناعيا وتصديريا مهما في هذا المجال إلى جميع أسواق المنطقة والعالم.

وأضاف أن المشروع العملاق الجديد سوف ينقل السعودية إلى صدارة المشهد العالمي في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة وبشكل مستدام طويل الأجل نظرا لما تتمتع به من مساحات شاسعة ووفرة أشعة الشمس بغزارة وهو ما سيجعل السعودية في صدارة منتجي ومصدري الطاقة المتجددة.

من ناحيته، قال فرانك يوكنهوفر مدير مشاريع سيمنس في بلجيكا وهولندا، إن التقدم كان بطيئا نسبيا في بناء محطات الطاقة الشمسية في السعودية في الفترة الماضية، ولكن مع إبرام هذه الصفقة التاريخية الضخمة ستكون هناك دفعة هائلة وبداية جديدة لإنتاج الطاقة الشمسية في المملكة.

وأشار إلى وجود حالة من الاهتمام الواسع والرهان الكبير على موارد الطاقة المتجددة في السعودية، وهذا أمر جيد واتجاه عالمي حديث تقوده دوما الدول الكبيرة والرائدة في مجال الطاقة، مبينا أن الضغوط ستقل كثيرا على النفط الخام في تلبية احتياجات الطاقة المحلية، كما أن فرص التصدير ستزيد وهو ما يعزز الناتج المحلى في السعودية في السنوات المقبلة.
وكانت تقارير دولية قد أشارات إلى أن الاستثمار الجديد في الطاقة الشمسية في السعودية يعد ثاني أكبر مشروع للطاقة الشمسية العالمية تشارك فيه مجموعة "سوفت بنك" اليابانية.

وأوضحت التقارير أن المجموعة سوف تستثمر أيضا ما يصل إلى 20 مليار دولار إلى جانب شركتي فوكسكون وبهارتي إنتربرايز في مشاريع الطاقة الشمسية في الهند التي لديها هدف طموح لتوليد 100 جيجاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2022.

وقال تقرير "ماشابل" الدولي إن مشروع الطاقة الشمسية في السعودية سيبلغ في قدرته 100 ضعف أي مشروع للطاقة الشمسية حول العالم، لافتا إلى أن طاقة المشروع تصل إلى 200 جيجاواط، بينما أضخم المشاريع الحالية في أستراليا لا يتجاوز 2 جيجاواط وفي الصين 1.5 جيجاواط.
وكان الأمير محمد بن سلمان؛ ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، وقّع أمس الأول، مع ماسايوشي سون؛ رئيس مجلس الإدارة لصندوق رؤية سوفت بنك، مذكرة تفاهم لإنشاء "خطة الطاقة الشمسية 2030" التي تعد الأكبر في العالم في مجال الطاقة الشمسية.

وتشكل هذه الاتفاقية إطاراً جديداً لتطوير قطاع الطاقة الشمسية في السعودية وسيتم بموجبها تأسيس شركة جديدة لتوليد الطاقة الشمسية، إذ بدأ إطلاق العمل على محطتين شمسيتين بقدرة 3 جيجاواط و4.2 جيجاواط بحلول عام 2019، والعمل أيضا على تصنيع وتطوير الألواح الشمسية في السعودية لتوليد الطاقة الشمسية بقدرة ما بين 150 جيجاواط و200 جيجاواط بحلول 2030.
وتعد مذكرة التفاهم مكملة لما تم التوقيع عليه مسبقا في مبادرة مستقبل الاستثمار في أكتوبر الماضي، وتشير الاتفاقية إلى أن دراسات الجدوى بين الطرفين حول هذا المشروع ستكتمل بحلول مايو 2018.

كما لفتت الاتفاقية كذلك إلى أن الطرفين ملتزمان باستكشاف تصنيع وتطوير أنظمة تخزين الطاقة الشمسية في السعودية، وتأسيس شركات مختصة للأبحاث وتطوير ألواح الطاقة الشمسية بكميات تجارية في السعودية تسمح بتسويقها محليا وعالميا.

وتشير المذكرة إلى التزام الطرفين بإنتاج الألواح الشمسية بقدرة تقدر بـ200 جيجاواط في السعودية وتوزيعها عالميا، إضافة إلى استكشاف الفرص المتعلقة بتأسيس صناعات في مجال منظومات توليد الطاقة وبطارياتها في المملكة، التي من شأنها أن تساعد على دعم تنويع القطاعات وتوفير فرص العمل في مجال التقنيات المتقدمة.

ومن المتوقع أن تساعد هذه المذكرة والمشاريع التي ستنتج منها السعودية بتوفير النفط في إنتاج الطاقة في المملكة، الذي من شأنه أن يعزز دور السعودية في إمداد أسواق العالم المحروق في النفط، لاسيما أن الطلب على النفط يتزايد باضطراد مع نضوب الإنتاج في بعض المناطق.
كما أن هذه المشاريع من المتوقع أن تسهم بما يقدر 100 ألف وظيفة في السعودية وزيادة الناتج المحلي للسعودية، كذلك بما يقدر بـ12 مليار دولار، إضافة إلى توفير ما يقدر بـ40 مليار دولار سنوياً.
يشار إلى أن محللين ومختصين غربيين، اعتبروا إقدام السعودية و"سوفت بنك" على التخطيط لمشروع عملاق في الطاقة الشمسية، سيكون نقلة نوعية كبيرة في مسار الطاقة الدولية، مشيدين بسعي السعودية إلى الاستفادة من أشعة الشمس الوفيرة في الشرق الأوسط من خلال بناء مشروع للطاقة الشمسية بقيمة 200 مليار دولار في السعودية الغنية بالطاقة الشمسية إلى جانب موارد الطاقة المختلفة.
وأشاروا لـ"الاقتصادية" إلى نجاح زيارة ولى العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة التي أسفرت عن إنجازات عديدة على صعيد الاقتصاد والطاقة، خاصة الاتفاق مع ماسايوشي سون الرئيس التنفيذي لشركة التكنولوجيا اليابانية على أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم.

وقال لـ"الاقتصادية" دييجو بافيا؛ مدير شركة "إينو إنرجي" للطاقة في هولندا، إن الطاقة المتجددة من أهم الموارد التي تنمو بمعدلات سريعة للغاية وتزداد باستمرار حجم مساهماتها في مزيج الطاقة العالمي، خاصة في ضوء تمتعها بالنظافة واعتماد اقتصادات كبرى عليها مثل اليابان.

وأضاف أنه يأتي ذلك إلى جانب دور التطورات التقنية والتكنولوجية المتلاحقة في الارتقاء بتلك الموارد وتسهيل الاستفادة بها بتكاليف منخفضة، وليس أدل على ذلك من التراجع المستمر في تكلفة الألواح الشمسية.

وأوضح، أن مشروع الطاقة الشمسية في السعودية استثمار جيد ومتميز ورؤية صائبة من السعودية و"سوفت بنك" لخريطة الطاقة في العالم في السنوات المقبلة، مشيرا إلى أن السعودية تتمتع بثراء واسع في الطاقة الشمسية ما يؤهلها لتكون مركز دوليا لإنتاج هذه الطاقة.

من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية" ألفونس كاتلر؛ أستاذ تكنولوجيا الطاقة في جامعة هامبورج الألمانية، أن الاستثمار الأولي في مشروع الطاقة الشمسية بالسعودية سيكون بنحو خمسة مليارات دولار، وهو استثمار ضخم وكفيل بجعل هذا المشروع من أبرز مشاريع الطاقة الشمسية الضخمة.

ولفت إلى أن المشروع يجيء كخطوة مهمة في إطار خطة السعودية للتحول والتنوع الاقتصادي التي تسعى فيها بخطوات جادة وسريعة نحو تقليل الاعتماد على النفط الخام وتطوير قدراتها من موارد الطاقة المختلفة، خاصة الطاقة الشمسية التي تتمتع فيها بقدرات واسعة ومتميزة إلى جانب بقية موارد الطاقة النظيفة الأخرى.

من ناحيته، أكد لـ"الاقتصادية" أندريه يانييف المحلل البلغاري، أن الطاقة الشمسية تعد بالفعل مستقبل الطاقة في العالم، نظرا لوفرة الشمس في كل مكان، مشيرا إلى أن منطقة الشرق الأوسط خاصة السعودية تتمتع بطاقات واسعة في هذا المورد المهم من الطاقة النظيفة.

وأضاف، أن الطاقة الشمسية يمكنها زيادة كفاءة توليد الكهرباء بنسبة 15 في المائة وبتكاليف أقل بنسبة 25 في المائة، بسبب التطور السريع في تقنيات الألواح الشمسية ما يمكن تحقيق أرباح وفيرة وسريعة.

وتوقع تقرير "تيك" الدولي، أن يوجد المشروع نطاقا ضخما من الصناعات الكاملة المرتبطة به في السعودية خاصة تصنيع وتركيب معدات الطاقة الشمسية.

وأضاف التقرير، أن المشروع سوف يستفيد أيضا من استمرار التطور المتلاحق في التكنولوجيا الجديدة، حيث سينتج نحو 200 جيجاواط من الطاقة وهو ما يجعله مصنفا كأكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم.

ونوه التقرير بأن المشروع الجديد من شأنه أن يوفر ما يكفي من الكهرباء لتشغيل نحو 20 مليار مصباح في وقت واحد، ومن المخطط البدء في تركيب الألواح الشمسية هذا العام، في حين سيتم تصنيع جميع المعدات في السعودية بعد أول عامين.

وكان ماسايوشي سون؛ الرئيس التنفيذي لمجموعة سوفت بنك، قد أكد أن التكلفة الاستثمارية النهائية لمشروع الطاقة الشمسية في السعودية بأكمله، شاملة الألواح الشمسية وبطاريات التخزين ومنشأة لتصنيع الألواح في السعودية، ستصل إلى 200 مليار دولار.
وأضاف سون، أن استثمار صندوق رؤية التابع لشركته، لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في المملكة، سينشئ أكبر منتج لهذا النوع من الطاقة في العالم مع قيامه بتسريع أعماله في المملكة وتوسيع نطاق الأعمال خارج قطاع التكنولوجيا.

ووفقا لـ"رويترز"، أوضح أنه يتوقع أن تصل طاقة إنتاج المشروع إلى 200 جيجاواط بحلول 2030، يضاف إلى طاقة مركبة عالميا تبلغ نحو 400 جيجاواط ويمكن مقارنته بإجمالي قدرة التوليد النووية العالمية البالغة نحو 390 جيجاواط كما في نهاية 2016.
وبالاستثمار في الطاقة الشمسية، ستخفض المملكة كمية الخام التي تستخدم حاليا لتوليد الكهرباء وتزيد شحناتها المصدرة إلى الخارج.

وأشار سون إلى أن المرحلة الأولى من المشروع تبلغ قدرتها 7.2 جيجاواط وستتكلف خمسة مليارات دولار منها مليار دولار من صندوق رؤية سوفت بنك والباقي من تسهيلات تمويل المشاريع.

ولفت إلى أن "رؤية المملكة 2030"، التي تهدف لتقليص اعتماد الاقتصاد السعودي على النفط، تتسق كثيرا مع رؤية الصندوق طويلة المدى بشأن الابتكار، مشيرا إلى أن "هاتين الرؤيتين اتحدتا معا لإيجاد طاقة متجددة نظيفة مستدامة منخفضة التكلفة ومنتجة".
وبين، أن "المملكة بلد ينعم بوفرة في أشعة الشمس ومساحات ضخمة من الأراضي المتاحة ومهندسين متميزين"، ورغم أن السعودية من أكثر البلدان المشمسة في العالم فإن المملكة تولد معظم الكهرباء من محطات تعمل عن طريق حرق النفط.

وتبلغ الطاقة الإجمالية لتوليد الكهرباء في السعودية حاليا نحو 60 جيجاواط، ومن شأن إضافة 200 جيجاواط أن يوجد فائضا ضخما في الطاقة الإنتاجية يمكن تصديره إلى بلدان مجاورة أو استخدامه في الصناعة، لكن المملكة ستظل بحاجة لأشكال أخرى لتوليد الكهرباء لاستخدامها ليلا.

وتظهر تقديرات صناعية أنه يجري حرق ما بين 300 ألف و800 ألف برميل من النفط الخام يوميا لتوليد الكهرباء في المملكة.
وقد يزيد تصدير هذه الكمية إيرادات النفط السعودية السنوية بما بين 7 مليارات و20 مليار دولار بالسعر الحالي لخام برنت الذي يبلغ نحو 70 دولارا للبرميل.

من جانبه، قال بيتر كيرنان؛ كبير محللي الطاقة في وحدة المعلومات التابعة لـ"إيكونوميست" في سنغافورة، إن "من الواضح أن السعودية تستعد لحقبة ما بعد الاقتصاد المعتمد على الوقود الأحفوري فيما يتعلق باستهلاك الطاقة المحلي".
وأضاف، أن "هذا الرهان الضخم على المصادر المتجددة سيسمح بتخصيص كثير من إنتاج النفط المحلي للتصدير وربما يوفر موارد الغاز المحلية أيضا".
ويعد هذا الاستثمار ثاني مشروع عالمي كبير لـ"سوفت بنك" في مجال الطاقة الشمسية، إذ قالت الشركة في وقت سابق إنها ستستثمر ما يصل إلى 20 مليار دولار مع "فوكسكون" و"بهارتي إنتربرايزس" في مشاريع للطاقة الشمسية بالهند التي تتبنى هدفا طموحا يتمثل في توليد 100 جيجاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2022.

وكانت شركة سوفت بنك أعلنت في مايو أيار الماضي أنها جمعت أكثر من 93 مليار دولار لصندوق رؤية، أكبر صندوق استثمار مباشر في العالم بداعمين من بينهم صندوق الثروة السيادي السعودي و"أبل" و"فوكسكون".

وضخ صندوق رؤية 27.5 مليار دولار في 20 شركة تكنولوجيا في نهاية كانون الأول (ديسمبر)، وحول "سوفت بنك" من شركة اتصالات يابانية ناشئة إلى أحد أكبر مستثمري التكنولوجيا في العالم.