حسين شبكشي

أحداث كثيرة ومتلاحقة كلها تحصل في وقت واحد تذكرك دوماً بأنك في الشرق الأوسط، بكل حراكه وتقلباته.

ها هي سوريا يتواصل فيها المشهد المأساوي، فالنظام يواصل أبشع المجازر بحق المدنيين العزل في مواقع مختلفة في سوريا، والطيران الروسي يساند النظام، وتركيا تفرغت في الداخل السوري لمقاتلة الأكراد فقط، ونسيت تماماً مواقفه ضد النظام السوري، مع عدم إغفال مشاركات ميليشيات مرتزقة تنظيم «حزب الله» الإرهابي في كثير من العمليات الإجرامية بحق المعارضين لنظام الأسد في مدن مختلفة.


وهذه الأحداث تحولت إلى صدى وضجيج سياسي بامتياز على الساحة اللبنانية المجاورة في المشهد الانتخابي الصاخب الذي يشهد «تحالفات» تتحدى العقل والمنطق، ويطبق فيه المبدأ المكيافيلي بامتياز، وهو أن الغاية تبرر الوسيلة.
وفي هذه الانتخابات، يبدو أن هذا المبدأ يشهد تطوراً مهماً، ليصبح أن الغاية تبرر «كل» وسيلة، لأن بعض التحالفات السياسية والتكتلات الانتخابية هي مع «خصوم» حاليين، مما جعل المتابعين يحكون رؤوسهم ويهزونها تعجباً واندهاشاً، ولكن الانتخابات هذه المرة «مفتوحة»، وقد تحمل مفاجآت مدوية للبعض. وفي مصر، انتهت الانتخابات بالرئاسة بسلام، وحصل الرئيس عبد الفتاح السيسي على حضور انتخابي محترم، ومشاركة بمعدل عال يفوق الأربعين في المائة، بنسبة مكنته من الفوز بدورة ثانية، وذلك على الرغم من التهديدات والتحذيرات الأمنية التي أطلقت من لدن «داعش» والإخوان المسلمين ضد من سيشاركون في الانتخابات الرئاسية.


وفي السودان، يواصل ذراعا حراك الإخوان المسلمين في المنطقة إغراء السودان بالمال والحماية، فتركيا تعاقدت على إنشاء قاعدة عسكرية، وقطر توقع اتفاقية إدارة لميناء سواكن، والغرض معروف.
ولا تزال جولة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الولايات المتحدة تختطف العناوين بامتياز، فهي جولة مدروسة بجدية لأنها ليست فقط الجولة الأطول مدة في تاريخ أي زيارة لمسؤول سعودي كبير، ولكنها الأكثر غزارة، فهي شملت «انفتاحاً» على وسائل الإعلام بشكل غير مسبوق، وهو على عكس ما كان معروفاً عن القيادة السعودية، التي كانت دوماً حذرة في تعاملها مع وسائل الإعلام، وكذلك لقاءات ولي العهد السعودي مع رموز السياسة والأعمال في أميركا، وتركه لانطباع إيجابي غير مسبوق.
وفي ليبيا، يزداد المشهد قسوة وانقساماً، فالتيارات المتطرفة تواصل تأجيج الوضع الأمني، وتساهم في زيادة رقعة الفوضى، مع عدم إغفال الصدمة التي تسبب فيها إعلان سيف الإسلام القذافي عن عزمه الترشح للرئاسة في ليبيا، وما تسبب فيه ذلك من فتح الجروح القديمة للملايين التي تسبب نظام القذافي في أذاها بشكل عظيم.


ولا يزال البطش الإسرائيلي بحق المتظاهرين السلميين من الفلسطينيين يحصد الأرواح البريئة، والعالم يلزم الصمت في حق أكبر جريمة منظمة مستمرة لعقود طويلة عرفها التاريخ.
إنه الشرق الأوسط يا سادة؛ منطقة «مثيرة» ولكنها إثارة مرضية.