تهانى صـلاح

ونحن على مشارف الاحتفال بيوم التراث العربي، وفوز مصر بالإجماع للدورة الثانية على التوالى بعضوية المكتب التنفيذى لمنظمة «الإيكروم» لصون التراث الثقافي.أعلنت دار الكتب والوثائق 2018 عاما للتراث والمجتمع حيث تركز أنشطتها ومطبوعاتها حول أهميته باعتباره حافظة التراث الوطنى - ويعد نواة مهمة فى سبيل حفظ روافد الهوية - تمهيدًا لرقمنته وتحقيقه وإعادة إتاحته فى عدة أشكال للأجيال القادمة، حيث تضم دار الوثائق القومية أكثر من 100 مليون وثيقة، وتضم دار الكتب نحو خمسة ملايين كتاب، بالإضافة إلى 60 ألف مخطوط، بجانب عدد كبير من البرديات والعملات الأثرية والتسجيلات الصوتية النادرة... وتقيم دار الكتب والوثائق خلال هذا العام عدة فعاليات لتبسيط التراث لكافة فئات المجتمع وتوعية أفراده بأهميته، إيمانًا منها بأن المجتمع شريك رئيسى فى حفظ التراث. وتأكيدا من الأهرام بأن «التراث العربي» هو ذاكرة الأمة وأساس تقدمها، وحمايته تعد من أولويات الأمن القومي، لأنه العدو الأول للمتطرفين الذين يسعون إلى محوه - ولن يتمكنوا من ذلك لأن موروثنا الثقافى هو الذى يميزنا عن غيرنا من الأمم- وهو خط الدفاع الأول لمواجهة التطرف النابع عن ضيق الأفق الثقافي.

فقد استعرضنا فى موضوع سابق الصعوبات والمخاطر التى يتعرض لها تراثنا العربى من إهمال وسوء حفظ، بالإضافة إلى الصراعات الدائرة فى عدد من البلدان وخاصة فى العواصم التاريخية والحضارية والتى تزخر بالعديد من المخطوطات ...واليوم نعرض لأهم وسائل المحافظة عليه، فقد حان الوقت أن نقوم بجمع وتحقيق وترجمة هذا التراث العربى الضخم - سواء إسلامى أو مسيحي- الذى تمتلكه مصر ويقدر بملايين المخطوطات حفاظا عليه وعلى هويتنا الثقافية. والجمع يعد الخطوة الأولى على الطريق حيث أكد المتخصصون أنه لا يزال هناك الكثير من نصوص تراثنا العربى المخطوط محفوظة فى خزائن المكتبات العربية والعالمية، ولا تكاد تخلو عاصمة من عواصم العالم أو مكتبة من المكتبات الكبرى من وجود كميات متفاوتة من هذا التراث. وطالبوا بوضع خطة واضحة المعالم لمسح هذا التراث واختيار ما يستحق تحقيقه وتوزيعه بين الجهات والهيئات المعنية... وهى الخطوة الثانية حيث أكد المحققون أن ما تم انجازه حتى الآن لا يمثل أكثر من ثلث هذا التراث، وناشدوا وزارة الثقافة بأن توجه عنايتها للاهتمام بتوفير الإمكانات اللازمة لهم، وإنشاء مراكز خاصة لتدريب شباب المحققين عن طريق مشروع ثقافى كبير له خطة محددة ومحكمة لإعادة نشر هذا التراث استمراراً لجهودها السابقة فى نشر سلسلة الذخائر...بالإضافة إلى الخطوة الثالثة التى تتمثل فى ترجمة هذا التراث وخاصة العلمى منه حيث أكدوا أن مشروع تحقيق النصوص لا يكتمل إلا بالترجمة وطالبوا بضرورة تأسيس إتحاد وكيان عربى يحوى كفاءات لرعاية حركة إحياء التراث العربى وخاصة العلمي، ونشر الوعى به من خلال إدماجه فى مناهج وزارة التربية والتعليم للمساهمة فى تصحيح تاريخ العلم.

وفى السطور القادمة توجه.. «الأهرام» دعوة على صفحاتها الثقافية لتكاتف الجهات المعنية والتنسيق فيما بينها للعمل على حفظ هذا التراث كى تعم الفائدة منه وتعود لمصر سيرتها الأولي.. فمن ليس له ماضى ليس له مستقبل .. ومن نسى تاريخه نسيه التاريخ.