سمير عطا الله

 صورة مباركة، بكل معنى الكلمة، للزعيم كيم جونغ أون: أول صورة له خارج البلاد عند جارته الصين، وأول صورة لا ينفجر ضَحِكاً على منصة للصواريخ، وأول مرة يردّد كلاماً مطمئناً من نوع أنه لن يستخدم السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية.

شكراً، أولاً، للشقيقة الكبرى، الصين. أقصد أولاً وأخيراً. أيْ يوم شجَّعتْ الرفيق أون على إدارة مسرح الصواريخ المرعب، والآن وقد حان وقت وقف المسرحية، وتعيَّن عليه خلع القناع المفزع. ولن تحزر من كان أول من تنفس الصعداء عند سماع هذا الكلام المفاجئ: القوات الأميركية المرابطة في كوريا الجنوبية، وهي في أقصى حالات التأهب الحربي 24 ساعة في اليوم. وقال المرابطون هناك للكاتب الاستراتيجي روبرت كابلان، إنهم يفضلون العمل في أفغانستان والعراق لأنه أقل تعباً.
وتنشر كوريا الشمالية على الحدود مع الجنوب 1,2 مليون جندي فائقي التدريب. وهناك مائة ألف عسكري آخر في المنطقة المحايدة، مزوَّدين بأكبر خزان في العالم للأسلحة الجرثومية من إنتراكس وطاعون وكوليرا. وليس أمام الجنوب –ومعه أميركا– سوى مداراة الوضع في الشمال. فأيُّ انهيار للنظام سوف يؤدي إلى خوض ونزوح تهدد الجنوب «أكثر من جراثيم الطاعون». ويقول كابلان في كتاب جديد له «عالم ماركو بولو»، إن الوضع سيكون شبيهاً للفوضى التي عمّت ألبانيا بعد انهيار النظام الستاليني هناك. وكان المحبِّر قد عرض هذه المقارنة من قبل. غير أنني أضفت إليها أيضاً الصين، لأن الفوضى الرهيبة سوف تغمرها أيضاً. ولعل هذا هو الهاجس الأول الذي يدفع بكين الآن إلى هذه الوساطة البادية بين هاوي الصواريخ وبين الدول الطبيعية في المنطقة، التي لا تزال تشير إلى حرب 1945 على أنها «الحرب الكورية الأولى»، على اعتبار أن الثانية محتملة في أي لحظة.
الخبراء يقولون إن كوريا الشمالية «ليست مجرد دولة شرقية مسلحة». إنها قوة نووية حقيقية. ومثلما انهار الاتحاد السوفياتي لأسباب ذاتية، قد تنهار هي أيضاً هكذا. وأكثر مَن ساعدها في تفادي الانهيار حتى الآن هو الجنوب وإدارة بيل كلنتون. ورغم ما هو معروف عن تشدد مستشار الأمن القومي الجديد جون بولتون في المسألة الكورية، فإنني أعتقد أن مسلسل الانفراجات الذي بدأ منذ نحو ثلاثة أسابيع يتجه نحو المزيد من الإيجابيات. أيُّ احتمال آخر لا يحتمله أحد: لا الصين ولا أميركا ولا كوريا الجنوبية ولا العالم. تفاءلواعندما يتوقف الزعيم أون عن الضحك.