‬ويعود ‬ذلك ‬الاهتمام ‬برأيي ‬لعدة ‬أسباب ‬جوهرية، ‬لعل ‬من ‬أبرزها ‬ضرورة ‬استيعاب ‬الأعداد ‬المتزايدة ‬من ‬خريجي ‬التعليم ‬بشقيه ‬العام ‬والعالي، ‬وتسهيل ‬توظيف ‬المواطنين ‬العاطلين ‬عن ‬العمل، ‬إضافة ‬إلى ‬أهمية ‬دخول ‬المواطنين ‬لسوق ‬العمل ‬بشكل ‬عام ‬والخاص ‬بشكل ‬أكثر ‬تحديداً، ‬والذي ‬تستحوذ ‬الجاليات ‬المقيمة ‬في ‬الدولة ‬بالغالبية ‬العظمى ‬في ‬العمل ‬في ‬قطاعاته. ‬ومن ‬تلك ‬الأسباب ‬أيضاً ‬تشجيع ‬المواطن ‬على ‬المساهمة ‬في ‬عملية

عبدالله محمد الشيبة 

يكاد لا يختلف اثنان على أهمية وضرورة تطبيق «التوطين» في دولة الإمارات العربية المتحدة، والذي توليه الحكومة عناية خاصة إذ نجد «توطين الوظائف» من أبرز مؤشرات الأداء الرئيسية لتحقيق رؤية الإمارات 2021، والتي تهدف إلى مضاعفة عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص إلى 10 أضعاف الرقم الحالي بحلول عام 2021.‏‭

‬التنمية ‬والتطوير ‬التي ‬تشهدها ‬الدولة ‬في ‬مختلف ‬المجالات ‬والحقول، ‬بجانب ‬تولي ‬المواطنين ‬مواقع ‬العمل ‬في ‬القطاعات ‬الاقتصادية ‬ذات ‬الأهمية ‬والحساسة ‬والحيوية.

ولكن من الملاحظ أيضاً أن بعض تلك الأسباب تشكل في حد ذاتها بعض أبرز تحديات التوطين التي تستوجب دراستها بعمق ودقة والتعامل معها بأسلوب منهجي متدرج يراعي توفير بيئة متعاونة من كافة أطرافها وتقييم مخرجات كل مرحلة من مراحل استراتيجية التوطين قبل الانتقال للمرحلة التالية، بهدف ضمان زخم التوطين، ونجاح الأهداف الموضوعة والتقليل من التحديات والسلبيات. ففي الجانب الخاص بمخرجات التعليم بشقيه العام والعالي نجد اثنين من أبرز تحديات التوطين. يتمثل التحدي الأول في مواءمة مخرجات التعليم العالي تحديداً مع احتياجات سوق العمل. ولكي نكون أكثر واقعية وموضوعية في تناول هذا التحدي، لابد لنا من القول بأن معظم دول العالم، وفي مقدمتها الدول المتقدمة صناعياً، تواجه منذ عقود طويلة نفس التحدي، والتي لم تجد حتى الآن الحلول الناجعة له ومن الصعوبة أن تجد في المستقبل وذلك لسبب بارز. فاحتياجات سوق العمل متجددة ومتقلبة باستمرار لارتباطها بقوانين التجارة، والتي لا تخضع في معظم الأحيان لاشتراطات الحكومات في ضرورة استيعاب خريجي التعليم العالي لتأثير ذلك الأمر بصورة مباشرة على حركة رأس المال. ويترتب على هذا الأمر صعوبة كبيرة في قيام مؤسسات التعليم العالي بمواءمة مخرجاتها مع مدخلات سوق العمل لارتباط تلك المؤسسات أيضاً بالمناهج التعليمية والاعتمادات الأكاديمية، والتي من الصعوبة بمكان تغييرها سنوياً، أو حتى كل ثلاث أو أربع سنوات.

أما التحدي الثاني الخاص بمخرجات التعليم بشقيه العام والعالي في الدولة، فيتعلق بالإحصائيات الرسمية المنشورة عن مخرجات التعليم بشقيه العام والعالي من الخريجين، والتي لا تتواجد بصورة دورية ومنتظمة. ويعد ذلك من أبرز التحديات التي تواجه الباحثين المتخصصين في التعليم العالي وسوق العمل لافتقارهم للأرقام الرسمية، التي تساعدهم في دراسة الوضع الحالي بصورة علمية، ووضع الحلول المستقبلية إضافة لغياب الإحصائيات الرسمية أيضاً في جانب العاطلين عن العمل من الخريجين.

ومن أبرز تحديات ملف التوطين أيضاً، ضمان استمرار المواطن في سوق العمل الخاص، إذ من السهل إقناع بعض جهات العمل الخاصة بتوظيف المواطنين نظير إجراءات تشجيعية وحوافز وجوائز، ولكن ليس من السهل مطلقاً ضمان استمرار المواطن أو المواطنة في موقع العمل الخاص للعديد من الأسباب. ومنها، الافتقار لإلزامية التوطين في القطاع الخاص، وضعف التدريب المهني وغياب المسار الوظيفي الواضح وضعف الرواتب والحوافز المالية وطول ساعات العمل وإمكانية استغناء تلك الجهات عن المواطن خلال فترة التجربة لأعذار واهية، إضافة لوجود «بيئة العمل الطاردة» للمواطن في العديد من جهات العمل الخاصة.

تلك كانت بعض التحديات الجوهرية التي تواجه استراتيجية التوطين منذ سنوات طويلة، والتي تتطلب استمرار دراستها بتأني وتطبيق حلول متوازنة لها، لكي نضمن نجاح الإجراءات الحكومية في هذا الملف الحيوي حتى لا نصل إلى مرحلة الأزمة.