شملان يوسف العيسى

هُنالك تخوف وقلق في منطقة الشرق الأوسط بسبب تغير السياسة الأميركية بين لحظة وأخرى، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب وافق على بقاء القوات الأميركية في سوريا لفترة أطول، وقد أعلن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية بأن الرئيس يريد ضمان هزيمة تنظيم «داعش»، كما أنه يريد من دول في المنطقة بذل المزيد من الجهود والمساعدة في تحقيق الاستقرار بسوريا.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الرئيس الأميركي قد أعلن في الأسبوع الماضي عن رغبته في سحب القوات الأميركية من سوريا، دون أن يحدد جدولا زمنياً لذلك الانسحاب. والسؤال هو: لماذا تغير الولايات المتحدة مواقفها في سوريا الآن؟ ونعلم أن الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية بالجيش الأميركي، أعلن أن بلاده يجب أن تؤدي دوراً على المدى البعيد في سوريا، لاسيما فيما يتعلق بإحلال الاستقرار في المناطق المستعادة من «داعش».

وهنالك رأي يرى بأن إعلان الرئيس ترامب عن الانسحاب الأميركي من سوريا ما هو إلا محاولة لإقناع دول أخرى بالمساعدة في تمويل الحرب، ولا أحد يعرف هل المقصود هو دول الخليج العربية أم دول الاتحاد الأوروبي.

وكان ترامب خلال حملته الانتخابية قد وعد ناخبيه بأن يجعل دولا تدفع ثمن الحروب وتكاليف الحملات العسكرية الأميركية، خصوصاً وأن تكاليف التواجد الأميركي في المنطقة قد قدرت بسبعة تريليونات دولار، دون أن يكون هنالك عائد لهذه التكلفة الكبيرة، كما قال ترامب نفسه.

فماذا يعني الانسحاب الأميركي من سوريا إذا حدث بالفعل؟ ومَن الرابح ومَن الخاسر من هذه الخطوة؟

معظم الكتّاب العرب متفقون على أن الرابح الأكبر هو إيران، لأن الانسحاب يعني تسهيل مهمة طهران في الهيمنة على المنطقة، لأنه سوف يسمح للحرس الثوري الإيراني بفتح طريق مباشر عبر العراق وسوريا إلى لبنان. فيما يرى محللون آخرون أن روسيا هي الرابح الأكبر من هذا الانسحاب حال حدوثه، لأنه يسهل بقاء حليفها بشار الأسد في السلطة، وسيسمح بالتواجد الإيراني هناك، وسيحقق مصالح روسيا في المنطقة. لقد أصبحت موسكو، بعد قمة أنقرة الثلاثية الأخيرة، تملك دفة القيادة الرئيسية، فتركيا تخلت عن دعم الفصائل السورية المعارضة التي كانت تحارب النظام السوري في الغوطة الشرقية، وتم ترحيل هذه الفصائل إلى مناطق تهيمن عليها تركيا وحلفاؤها من فصائل «الجيش السوري الحر».

وأخيراً نتساءل: ما هو موقف دول الخليج العربية حيال الانسحاب الأميركي من سوريا؟ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أعلن في رحلته الحالية للولايات المتحدة بأنه يدعو واشنطن للبقاء في سوريا على المديين المتوسط والبعيد، منعاً للتوسع الإيراني في المنطقة.

نتمنى أن لا تقبل دول الخليج أي مطالبات من الجانب الأميركي بتحمل تكلفة الحرب أو جزء منها، لأن العديد من اقتصادات دول المنطقة تعاني اليوم من عجز في ميزانياتها بسبب انخفاض أسعار النفط.