جبريل العبيدي

* كاتب وباحث ليبي

دوما كبرى مدن الغوطة الشرقية، والتي لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن العاصمة دمشق معقل الأسد صاحب الكيماوي. دوما تعتبر آخر معاقل المعارضة السورية تعرضت لهجوم كيماوي مروع وبشع، وبخاصة بعد أن أصبحت ظاهرة الكيماوي واستخدامه سائدة ضمن ترسانة النظام السوري دون أي خجل أو وجل من العقاب؛ لأن من أمن العقاب أساء الأدب، وبخاصة في ظل وجود فيتو روسي جاهز للاستخدام المتكرر لحماية النظام بعد مقتل نحو سبعين شخصاً على الأقل إثر هذا الهجوم الكيماوي المؤكد العلامات والضحايا على مدينة دوما السورية.

فيتو روسي جديد لحماية الجاني الحقيقي وفق شواهد وضوابط كثيرة وشهادة الشهود، حيث قال المركز الإعلامي للغوطة التابع للمعارضة السورية: «إن أكثر من 70 شخصاً قُتلوا جراء الاختناق، ويعاني نحو ألف آخرين من آثار الهجوم»، بينما ذكرت مصادر أخرى أن العدد تجاوز 150 قتيلاً.

كيماوي الأسد في دوما استفز العالم عبر عاصفة من الغضب الدولي على هجوم الأسد الكيماوي على المدينة المنكوبة، إذ قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تغريدة على حسابه على «تويتر»: إن الرئيس السوري «سيدفع ثمناً غالياً» على استخدام السلاح الكيماوي، مضيفاً: إن الكثير من السوريين قتلوا في الهجوم الكيماوي، ضمنهم نساء وأطفال، وقال أيضاً: «إن (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين وإيران مسؤولان عن دعمه (الأسد)»، بينما قال الأمير خالد بن سلمان، سفير السعودية في واشنطن، في تغريدة له إن «هذا الهجوم الوحشي على الأبرياء والمدنيين هو امتداد لجرائم نظام الأسد وداعمه الأساسي النظام الإيراني وأدواته في المنطقة، يجب علينا أن نقف ضد عدوانهم في المنطقة في سوريا واليمن والدول الأخرى»، في حين قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان: إن «فرنسا تدين بقوة الهجمات والقصف الذي قامت به قوات النظام السوري خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية في مدينة دوما»، وإنها تمثل «خرقاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي».

عن كيماوي الأسد في دوما كان للسيناتور الأميركي جون ماكين قراءة مختلفة، حيث اتهم أميركا بإعطاء الضوء الأخضر للهجوم عبر رسائل سلبية، عبر الإعلان عن الانسحاب الأميركي المبكر من سوريا وترك شأنها للاعبين آخرين، فقال: إن «التقاعس الأميركي جرَّأ نظام الأسد على شن هجوم كيماوي على الشعب السوري»، وأن بشار الأسد وداعميه الروس والإيرانيين «سمعوا (الرئيس) ترمب عندما أشار إلى خطة انسحاب القوات الأميركية من سوريا، ومن ثم تجرأوا على ارتكاب هجوم كيماوي».

كيماوي الأسد في دوما يعتبر بالون اختبار للإرادة الدولية على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذا الهجوم في دوما وغيرها، وضرورة مثولهم أمام العدالة، وإلا سيتكرر الجُرم كما تكرر في دوما بعد التساهل أو التغاضي عن كيماوي الأسد في خان شيخون.

أيضاً أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، أنها تحقق في التقارير المتعلقة بوقوع الهجوم الكيماوي على مدينة دوما؛ الأمر الذي لا يزال قيد التحقيق المتعثر بسبب الخلاف الروسي - الأميركي - الغربي، بعد دعوة 9 أعضاء في مجلس الأمن لعقد جلسة بمبادرة من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، ورغم وجود ضحايا حقيقيين وليسوا افتراضيين، فإن الفيتو الروسي جاء كصفعة دون استحياء، أو حتى تحسباً للعنات الضحايا وأقاربهم التي ستلاحق جميع من شارك وتقاعس عن ملاحقة الجاني الحقيقي.