جميل الذيابي

يعقد اليوم (الأحد) في الظهران (شرق السعودية) مؤتمر القمة العربية، حيث سيرأس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز هذه القمة التي تعقد في مرحلة حرجة «غير مسبوقة» في تاريخ الأمة، إذ تحيط بها المخاطر والنيران والفوضى من كل صوب. وأضحت كمن عاد بها الزمن إلى الوراء لتعيش من جديد حقبة إعادة رسم الخرائط، وعلى رغم أن قضايا الاقتصاد والتعاون والتبادل ستكون حاضرة على جدول كل قمة؛ إلا أن قمة الظهران ستكون بامتياز قمة مواجهة أخطر مشروعين يهددان سلامة الأراضي العربية. وهما: المشروع التمددي الإيراني الذي يُرى بالعين المجردة، في اليمن حيث تنفذه ميليشيا الحوثي العميلة، وفي لبنان حيث أضحت ميليشيا حزب الله الإرهابية - الإيرانية تمويلاً وتسليحاً وآيديولوجياً قادرة على تعطيل إرادة الدولة اللبنانية.

وفي العراق حيث تتصرف طهران وكأن العراق محمية إيرانية لها حق التصرف فيه كما تشاء، وفي سورية حيث تعربد وتقتل وتثير الفوضى والفتن.

والثاني هو المشروع التركي الذي أفصح عنه رجب طيب أردوغان عبر التحالف مع خيانة قطر لأشقائها، واحتلال عفرين (السورية) ورفع العلم التركي على مقر بلديتها، والتخطيط للتمدد شمالي سورية، بدعوى إزاحة أكراد سورية من على الحدود مع تركيا. وقد رأينا كيف تبذل تركيا من مواردها على التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، وكيف ذهب أردوغان إلى قطر بقاعدة عسكرية. ورأينا كيف سعت إيران إلى التمدد في أفريقيا، بدءاً من السودان وانتهاء بنيجيريا. ورأينا كيف يوسع المشروع التركي نفوذه في القارة السمراء، بإقامة قاعدة عسكرية في الصومال، والانتشار في ميناء سواكن السوداني قبالة الساحل الغربي السعودي على البحر الأحمر.

ولن يكون دور القمة العربية مقتصراً على كبح هذين المشروعين المبنيين على أوهام تاريخية، وآيديولوجيا مهزومة؛ بل يجب أن يعمل القادة العرب على لجم «الأشرار الصغار» الذين ازدهروا في ظل الفراغ الأمني الذي أحدثته الثورات والنزاعات التي تشهدها المنطقة.

ففي ظل هذه الظروف غير الطبيعية تكاثرت جماعات الإرهاب وتناسلت، بل تزاوجت مع جماعات الإرهاب القادمة من آسيا الوسطى، ومن المد التطرفي الذي تذكيه جماعات «تسييس» الدين في الدول الغربية. وما كان لهذه المجموعات الطفيلية أن تتنفس من دون دعم المشروعين الطامحين للهيمنة ويتربصان بالعرب وثرواتهم وسيادتهم على أراضيهم.

الأكيد أنه لن يكون أمام قمة الظهران سوى العودة بقوة إلى المحور الذي تقوده السعودية، باعتباره السد المنيع الأوحد ضد التهديدات الإيرانية، وضد مخاطر المشروعين التركي والإيراني، وفرض ثقل هذا المحور لتمرير الحلول والتسويات التي تضمن وحدة تراب كل دولة عربية، وعدم المساس باستقلالها وسيادتها. صحيح أن المنطقة العربية ظلت تواجه التهديدات على مدى تاريخها المعاصر، لكن التهديد الراهن، خصوصاً من المشروعين المذكورين، ومن «الأشرار الصغار» الذين أنجبهم هذان المشروعان، أخطر الآن أكثر من أي وقت مضى. ولم يعد التكامل والاصطفاف والتحالف من الدعوات المثالية، بل أضحت ضرورة مرحلة، وعنواناً رئيسياً للمرحلة القادمة أو سيبقى الأشرار يبيعون الوهم ويروجون الشائعات بآلة إعلامية كاذبة باسم «الأمة».