محمد صلاح

 بعد أقل من أسبوعين، سيتوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مقر البرلمان ليؤدي أمام النواب اليمين الدستورية مدشناً ولايته الثانية، بينما بدأت سريعاً تساؤلات تنتشر حول مستقبل الحكم في مصر بعد انتهاء الولاية الثانية للسيسي، وبينها: هل ينوي الرجل إجراء تعديلات على مواد الدستور، التي تحظُر على الرئيس تولي الحكم لأكثر من مدتين؟ متى يتم طرح وجه آخر للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ هل تستطيع قوى المعارضة السياسية أن تصفي خلافاتها وتقضي على تناقضاتها وتنأى بنفسها عن شبهة التنسيق مع الإخوان أو الجهات الخارجية، وتتفق على مرشح رئاسي في الاستحقاق المقبل؟ هل تشهد مصر تكراراً للنموذج الروسي فيتم طرح مرشح يحظى بتأييد مؤسسات الدولة ليكون رئيساً، على أن يتولى السيسي رئاسة الحكومة ثم يعود الأخير مرشحاً لرئاسة الدولة بعد انتهاء حكم مدفيديف المصري؟

عموماً ليس غريباً أن تطرح تساؤلات كتلك على الرغم من أن السيسي لم يبدأ بعد ولايته الثانية، فبلد بحجم مصر وتأثير الأوضاع فيها على الإقليم المحيط بها، والتطورات التي شهدها أكبر بلد عربي على مدى السنوات السبع الأخيرة منذ أحداث كانون الثاني (يناير) 2011، والكارثة التي لحقت بجماعة الإخوان المسلمين التي كانت تحظى بتعاطف ودعم جماهيري، تحول غضباً ونقمة بل وكراهية من قطاعات عريضة من الشعب المصري بعدما ظهرت الأهداف الخفية للتنظيم وتورط الإخوان في العنف، وتحالفات الجماعة مع جهات سعت إلى إسقاط الدولة المصرية، كلها أمور تجعل النظر إلى مستقبل مصر مسألة تحظى باهتمام الأوساط المحلية والإقليمية والدولية.

وعموماً أيضا فإن غالبية داعمي السيسي ومحبيه لا يرون غضاضة في مسألة تعديل الدستور، سواء لمد فترة الولاية إلى ست سنوات بدلاً من أربع كما هي الآن، أو بإلغاء الحظر على الترشح لأكثر من ولايتين، بل إنهم يطالبون البرلمان صراحة بأن يبدأ من الآن السير في إجراءات تعديل الدستور وهم يستندون إلى أسباب مفهومة ويمكن استيعابها، من بينها بالطبع تمكين السيسي من إنهاء برنامج التنمية الطموح الذي بدأه وإكمال المشاريع القومية العملاقة الكثيرة التي شرع فيها، وكذلك إكمال الحرب على الإرهاب ومواجهة الإخوان والقضاء على تسرطنهم في مؤسسات الدولة، لكن بعض محبي السيسي يتمنون أن يكمل الولاية الثانية وينجز ما وعد به ثم يترك الحكم ليكون نموذجاً لرئيس ترك الحكم طواعية، رغم تمتعه بالشعبية وتحقيق إنجازات على أصعدة مختلفة.

وطالما أطلق السيسي إشارات فُهم منها التزامه بما نص عليه الدستور من انتخاب الرئيس لفترتين، وهو أفصح عن رأيه في هذا الأمر بجلاء في حوار مع شبكة «سي إن بي سي» الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، قال فيه «إن هناك تطوراً كبيراً للغاية في مصر في ما يخص وضع الرئيس، ما يجب أن نضعه في الاعتبار أنه ليس هناك رئيس سوف يتولى السلطة دون إرادة الشعب المصري، ولن يستطيع أيضاً أن يواصل لفترة أخرى دون إرادة هذا الشعب، وفي كلتا الحالتين فهي 8 سنوات، وأنا مع الالتزام بفترتين رئاسيتين مدة الواحدة منهما 4 أعوام، ومع عدم تغيير هذا النظام، وأقول إن لدينا دستورا جديداً الآن، وأنا لست مع إجراء أي تعديل في الدستور في هذه الفترة». مشيراً إلى أن «الدستور يمنح الحق للبرلمان وللرئيس في طلب إجراء تعديلات» ولكنه أضاف: «أنا لا أتحدث هنا عن فترات في منصب الرئاسة، فهذه لن نتدخل فيها، ولهذا لن يستطيع أي رئيس أن يظل في السلطة أكثر من الوقت الذي يسمح به الدستور والقانون، والشعب هو الذي سوف يقرر ذلك في النهاية، ولا يناسبني كرئيس أن أجلس يوماً واحداً ضد إرادة الشعب المصري». المحصلة أن الأمر مازال مبكراً لكن سيناريو دميتري مدفيديف يبقى مجرد احتمال.