خالد أحمد الطراح

 نشرت الصحف اخيرا أن 700 من أولياء الأمور في منطقة حولي التعليمية رفعوا عريضة إلى اللجنة التعليمية في مجلس الأمة وإلى وزير التربية يطالبون فيها بإلغاء تطبيق منهج الكفايات، الذي بدأت الوزارة في تعميمه على المراحل الدراسية بالتدرج منذ عام 2015 حتى عام 2020 في كل المواد الدراسية حتى الصف التاسع.


اللافت للنظر أن الشكوى كانت من منطقة حولي فقط ربما لأسباب قد يبحثها القائمون على الامر في المنطقة ليجدوا تحليلا لها، لكن المهم أن يتم التعامل مع هذا التطوير بشكل مرن مع بعض التقبل والتضحية والاستعداد لإعطاء الإصلاح التعليمي فرصة يتجذر فيها ويشتد عوده ليصبح هو المرجعية التربوية في الدولة.
إن ما تقوم به وزارة التربية منذ سنوات في إصلاح التعليم العام بالتعاون مع المنظمات الدولية يتطلب من الجميع، معلما وناظرا وموجها وولي أمر ووزارة، أن يتكاتفوا لإنجاح أي تجديد في التعليم يدفع بنا كبلد من أسفل التصنيفات الدولية في تحصيل الطالب في الرياضيات والعلوم واللغات إلى مصاف عالية تكون أكثر مصداقية في التعبير عن مدى الجهد وعمق الموارد التي تقوم بها وتقدمها الدولة في مجال إعداد الأجيال القادمة لزمان غير زماننا.
إن ما يعرف بمنهج «الكفايات» أصبح مالئا الدنيا وشاغلا الناس في الكويت، فالكل يلهج بالحديث عنه وكأنه بدعة من اختراع وزارة التربية ومستشارها البنك الدولي، بينما يبدو أن الشكوى تتمحور حول تزايد الأعمال في تطبيقه وتعاظم الخطوات التي يتعين على المعلم القيام بها في تقييم الطالب بشكل يومي للوقوف على ما تعلمه وما حققه من «كفايات».
ان ما قامت به استونيا كأصغر دولة أوروبية من تغيير في التعليم بالاعتماد على منهج الكفايات بعد ان كانت آخر دولة أوروبية في ترتيب الاختبارات الدولية في اوروبا وبعد سبع سنوات من التطبيق أصبحت من بين الأوائل في هذه التصنفيات التربوية وتنافس الدول الأوروبية المتقدمة عنها اقتصاديا.
هذا مثال واقعي واحد عما يمكننا التطلع إليه إن صبرنا قليلا ولنا أسوة في دول مشابهة مثل كوريا الجنوبية وفنلندا وسنغافورة.
إن ما ينشر عن برنامج الإصلاح المتكامل للتعليم في بعض الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي يظهر لنا أن هناك العديد من الخطوات الناجحة التي يمكن للوزارة البناء عليها والمضي قدما نحو إحداث فرق نوعي في المدرسة حاليا وفي المستقبل المنظور.
لا شك ان تداعي معظم دول الجوار لتحرير مناهجها وتطويرها مستشرفة بذلك تمكين المجتمع من تحقيق تنمية مستدامة ما هو إلا دلالة على أن الكويت ليست ببعيدة عن هذه المبادرات إن لم نقل كانت سباقة فيها.
الآن هناك اختلاف عما كان يجري في السابق من تجميع الدراسات وتخزينها حين بادرت وزارة التربية بالتطبيق الفعلي في داخل الصف وأي معارضة لمثل هذا التغيير ممكن ان تخلق اعتراضا وتقليلا من قيمته وأهميته وهو أمر طبيعي نراه في كل مكان وزمان، لكن الاهم أن يكون صاحب القرار في الإصلاح والتطوير مقتنعا بجدوى هذه المبادرات وما ستقدمه من خدمة لأجيال الكويت القادمة فلا ترتجف يده ولا يترك الشكاوى تفت في عضده.
ان اصلاح التعليم حاجة وطنية ملحة حتى تنعم الاجيال القادمة بنظام تعليمي يتناسب مع متطلبات اليوم واحتياجات المستقبل ايضا وهي مسؤولية تربوية ينبغي على وزارة التربية والأسرة التعليمية شرح مدى الاستفادة من التطوير، وليس التنازل عنه بسبب ضغوط سياسية او اجتماعية.
ليس هناك ما يمنع من تصويب بعض الامور بما يتناسب مع بيئة العمل والمجتمع، ولكن هذا لا يعني التنازل عن الاصلاح وعدم الالتفات إل آراء اولياء الامور وأهل الميدان، فمن الواجب الاستفادة من الخبرات الدولية ودول اخرى في مجال التعليم من اجل صناعة مستقبل مزدهر بالكفاءات والمهارات الطلابية والتعليمية.
إن التعليم ليس سلعة استهلاكية يمكن شراؤها اليوم واستبدالها بأخرى غدا، فالكلفة قد تكون فادحة جدا اذا لم تتسع الصدور لنرى النتائج ونقطف الثمار.