عزة السبيعي

الزميل والمبدع واللطيف أحيانا عبدالله العقيل، وضع أغنية للمطرب اليماني حمود السمه، لتنهال عليه الردود الغاضبة والواشية أيضا، عبر إرسال تنبيه على ما عدّوه خيانة وطنية ليكتب تغريدة طريفة عن هذه الحمية المزيفة، والاتهام المكارثي البشع، أضحكنا ودفعتنا حقيقة إلى التفكر فيما يحدث للناس، ودفعتني في الواقع إلى الحديث عن تجربتين لي مع التحريض، لكن ليس من العامة، بل من مثقفين محسوبين على الليبرالية، تستدعي الحديث عنها، وهي كالتالي: قبل أشهر دخلت في نقاش مع مثقف حول الصحوة، وقلت ببساطة على كل حال فترة الصحوة ليست أشد ولا أقسى فترات التشدد الإسلامي، وهذا رأيي الخاص لقد أُحرقت كتب، وذُبح شعراء، ومُزّق جسد ابن المقفع، وسُجن المعرّي، وغير ذلك من أحداث مرّ بها المفكرون في العالم الإسلامي والفنانون والمبدعون، لا يمكن مقارنتها بفترة كان تركي الحمد ينشر روايته، وغازي القصيبي يقول آراءه، والغذامي ينقد المجتمع، وناصر القصبي والسدحان يقدمان طاش ما طاش بحرية نسبية في ظل حكومتنا، وهذه قضية أتمنى أن يناقشها المنصفون لأن الآن كثر الكلام الذي قد يُفهم منه ما يغش الأجيال القادمة.
الغريب، أن مثقفة سعودية قامت بتصوير تغريدتي، وقامت بالإشارة إلى جمع غفير وجهات عدة بطريقة تثير الدهشة وتستوقف، فشخصيا لا أعرفها مطلقا، ولا تابعتها ولا تابعتني، وإن كنتُ أعرف اسمها من أنشطة ثقافية تشرف عليها، مما يثير الحزن في النفس. 
لماذا يصل المثقف إلى هذا المنحدر، لماذا يحرّض على كبح الحريات وملاحقة الناس؟ 
بل إن ليبراليا آخر، كتب ليس لهؤلاء سوى التصفية -يقصد الإخوان- وهذا رديت عليه الفكر يواجه بالفكر، وتم أيضا تصوير تغريدتي والتحريض علي بها، إذا كان هؤلاء مثقفون ويتحدثون بلغة العنف والإقصاء والتصنيف، بل يسارعون بالتحريض على رأي، فما الذي تعلموه من الكتب والمحاضرات والندوات التي يرعونها بالله عليكم، بل كيف يطمعون في أن تؤثر وتغير داخل المجتمع؟! 
في الواقع، هذا يفسر لماذا كان دورهم التنويري عاجزا عن مجابهة الصحوة، وإقناع الناس بالإنسانية والعدالة والإنصاف، ونبذ العنف وهذه قضية أخرى.