حذر المدير العام للهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات سيف السويدي، من خطورة ما وصفه بـ«التهور القطري» في تهديد الطيران المدني الإماراتي، مشدداً على أن «زلزالا كبيرا سيضرب قطر إذا ما تعرضت أية طائرة تابعة للطيران الإماراتي للخطر نتيجة السلوك العدواني لنظام الدوحة».


وقال في حوار لـ«الحياة» إن تاريخ الاعتداءات القطرية على الطيران المدني الإماراتي متكرر، لافتاً إلى أن هناك خمسة حوادث معروفة تعرضت فيها المقاتلات القطرية لطائرات مدنية تحمل على متنها ركاباً مدنيين وأطقماً جوية لا ينتمون بالضرورة إلى دولة الإمارات، بل يمثلون جنسيات من مختلف دول العالم، وفي حالة تعرضهم لخطر ستقف دولهم ضد هذا الاعتداء.

ولفت السويدي، إلى أن «قطر تدرك جيداً أن ما تقوم به من سلوكيات عدائية بشأن استهداف الطائرات المدنية الإماراتية، هو عمل إرهابي تم فيه توظيف مقاتلات عسكرية بغرض تهديد أمن وسلامة مدنيين أبرياء لم يتعرضوا لنظام الدوحة بأي أذى».

وكشف أن الإمارات، والبحرين، وهما الدولتان التان تأثرتا بالتهديد القطري لخطوط الملاحة الدولية سيقومان باستخدام الأدوات القانونية كافة، التي كفلها القانون الدولي لمثل هذه الحالات لردع قطر عن تهورها، موضحاً أنه «على رغم تكرار الاعتداءات القطرية وتهديدات الدوحة لمسارات الطيران المدني الإماراتي، وعلى رغم أن كثيرا من طائرات الخطوط القطرية تمر عبر مسارات جوية تديرها الإمارات، إلا أن أبوظبي تحترم التزاماتها الدولية ولم تحرك أية أسلحة لديها لتهديد تلك الطائرات».

وعن أهم الخطوات التي اتخذتها الإمارات لمواجهة تكرار الاعتداءات القطرية، قال المدير العام للهيئة العامة للطيران المدني: «إن الإمارات تقدمت بشكوى إلى المنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو) لمطالبة قطر بالتوقف عن اعتداءاتها المتكررة ضد الطيران المدني الإماراتي، وسيتم النظر في هذه الشكوى في 17 أيار (مايو) المقبل، وهو طلب مشروع حماية لأرواح المدنيين الذين قد يتعرضون للمخاطر نتيجة هذه الاعتداءات».

ولفت إلى أنه في 22 نيسان (ابريل) الجاري قامت مقاتلات قطرية بـ«الاقتراب بشكل خطر جداً من إحدى طائرات الآرباص 320 المدنية الإماراتية كانت في طريقها من مطار الدمام في المملكة العربية السعودية متجهة إلى مطار ابوظبي الدولي في الساعة 10:50 دقيقة صباحاً، لمسافة 200 متر، وهذه المسافة مع أخذنا في الاعتبار للسرعة المتفاوتة بين الطائرات المدنية والمقاتلات العسكرية يمثل كارثة قد تقع في أقل من جزء من الثانية، وتتسبب في حادثة محققة يروح ضحيتها عشرات أو مئات الركاب المدنيين العزل».

وأوضح: «إن كابتن الطائرة المدنية الإماراتية قام بالمناورة وبفضل الله أنقذ الطائرة وركابها وطاقمها الجوي من كارثة محققة» مضيفاً: «إن الطيار المدني غير مدرب على مهمات المناورة التي هي في الأخير خارج اختصاصه، وقطر تدرك ذلك جيدا، وتدرك أن اقتراب طائرات عسكرية إلى هذا الحد يتسبب في تهديد الطائرات المدنية غير المؤهلة للمناورة، ويعرضها لمخاطر عالية».

ووجه السويدي رسالة إلى الدوحة، مشدداً فيها على أن «ما تقوم به قطر خطر جداً، ولعب بالنار وبمواد مشتعلة، وعليها الابتعاد عن تعريض الملاحة الجوية الدولية لهذه المخاطر».

إلى نص الحوار:

> ما هو عدد اعتراض قطر للطائرات المدنية الإماراتية؟

الحوادث السابقة تبلغ خمسة حوادث مسجلة لطائرات مدنية إماراتية كانت تتبع الطرق الجوية المعتمدة من المنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو)، وجميعها كان لدى الجانب القطري معلومات عن توقيتها وأنواع الطائرات فيها، وتفاصيل الرحلات بالكامل، ومع ذلك قام بتوظيف طائرات عسكرية لاعتراض تلك الطائرات وبشكل مفاجئ، وكان الاقتراب بشكل خطر أدى بالطيارين إلى القيام بمناورة خطرة لتفادي الاصطدام، ووصل أن كثيرا من الركاب كانوا في حالة هلع نتيجة لتلك للمناورات الكبيرة لتفادي الاصطدام مع المقاتلات العسكرية القطرية.

هنا لا بد أن أشير إلى أنه لم يحدث قبل مقاطعة الدول الأربع، المملكة العربية السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، لقطر أن قامت الأخيرة بالتعدي على الطيران المدني في هذه المنطقة، وعليه فان ما تقوم به قطر الآن جديد وبالتالي لا يمكن القول ان هذه الاعتداءات هي مجرد مصادفة، فنحن طوال عشرات الأعوام، وحتى الفترة السابقة للمقاطعة لم تحدث مثل هذه الاعتراضات، وهذا يعني أن هناك تعمدا ممنهجا للاستهداف بشكل مباشر للطيران الإماراتي، وخاصة أن هذه المسارات تسلكها طائرات أخرى ولم تتعرض لأية اعتداءات مماثلة من الدوحة.

إن ما تقوم به الدوحة هو تصرف غير مسؤول تجاه طائرات تحمل على متنها ركاباً مدنيين أبرياء فيهم النساء والرجال والأطفال والكبار والصغار والمرضى، ومنهم من لا يحتمل صراحة حالات الهلع والرعب التي توضع بها الطائرات بسبب هذا الاقتراب الخطر.

نحن رفعنا بتفاصيل الحوادث الخمسة ومستنداتها إلى المنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو) حسب النظام والإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات، وحدد النظر في شأنها بتاريخ 17 (مايو) المقبل، ونحن بكل بساطة طالبنا المنظمة بأن توقف قطر عن هذه الممارسات الخطرة التي تمس أمن وسلامة الركاب والأطقم الملاحية في الطائرة، وهنا ألفت إلى أن هؤلاء الركاب والأطقم ليسوا إماراتيين بالضرورة فهم يمثلون معظم دول العالم وخاصة أن ركاب طائراتنا ليسوا فقط من الإمارات بل من كل دول العالم وهذا ما تبحثه المنظمة الآن.

لن نغير المسارات الجوية

> هل لدى الإمارات نية لتغيير مسارات خطوطها الجوية، وخاصة في ظل تكرار الاعتداءات القطرية؟

- هناك نقطة فنية مهمة لا بد وأن أشير إليها في ردي على هذا السؤال، هي أن نقطة اعتراض مقاتلات قطر الأخيرة كانت أبعد ما يكون عن المياه الاقليمية القطرية وكانت في منطقة فوق المياه الدولية ولا صلة لقطر مطلقاً بها، ومع ذلك كسرت الدوحة بكل أسف كل القواعد والقوانين والاتفاقات الدولية، وخاطرت باعتراض طائرتنا فوق المياه الدولية وهذه إشكالية كبيرة.

السؤال الآن: هل إذا ما أبعدت الإمارات مساراتها أكثر وأكثر، هل ستتوقف قطر عن ممارسة هذا الغي؟ الإجابة: لا اعلم لكنني أعتقد أن ما تقوم به قطر هو من منهج جديد في أعمال الارهاب التي تستهدف مدنيين أبرياء بطائرات مقاتلة مسلحة، وهذا بحق من أشد صور الإرهاب تطرفا لأن ركاباً أبرياء لا حيلة لهم ولا قوة معلقون بين الأرض والسماء، وفي حالة تعرض طائرتهم لأية حادثة لا سمح الله لن ينجو منها أحد.

التصعيد في الرد على قطر

> في حالة استمرار قطر في هذه الاعتداءات. هل في رأيك هناك خطوات تصعيدية ستتخذها الدول الأربع ضد الدوحة؟

إذا ما استمرت قطر في هذا السلوك العدواني وغير المسؤول، فبالتأكيد هذا التصرف لن يكون موجهاً فقط إلى الدول الأربع المملكة العربية السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر وحدها، بل سيكون تحدياً لدول العالم أجمع، لأن القرار الذي ستتخذه المنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو) بشأن شكوى الإمارات ضد التهديدات القطرية، سيكون قرار نيابة عن دول العالم كافة المسجلة في المنظمة والبالغة 192 دولة، فإذا اتخذت الدول العضو في المنظمة قراراً بضرورة أن تتوقف قطر عن متابعة هذا النهج ضد الطيران المدني، وكررت قطر اعتداءاتها فستكون للمنظمة وقفة شديدة في مواجهة قطر.

غير هذا نحن الآن ندرس بجدية حقيقة رفع الموضوع إلى مجلس الأمن وإلى الأمم المتحدة، لأن السلوك القطري هذا يمثل عملا إرهابيا ضد مدنيين استخدمت فيه طائرات مقاتلة الهدف منه واحد هو استهداف أناس مدنيين عزل لم يشكلوا أية خطورة على قطر، ونحن ندرس الموضوع الآن، وسنتبع سبيل منظمة الأمم المتحدة للشكوى بها.

> هل بحثت الدول الأربع المقاطعة لقطر لمواجهة خطورة هذه الاعتداءات اخيراً؟

- طبعاً هناك تنسيقات دائمة تتم بين الدول الأربع المقاطعة لقطر في الملفات كافة، ومنها بالطبع الطيران المدني، واكرر أن الدول الأربع متفقة على ضرورة وأهمية الالتزام بالقانون الدولي الخاص بالطيران المدني في إدارة خلافها مع قطر، ونحن بطبيعة الحال في الإمارات لا نشذ عن هذا الالتزام، بل إن كل إجراءاتنا حتى في مواجهة الغطرسة القطرية تابعنا فيها نهج القانون الدولي، وشهد لنا بذلك مجلس المنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو) عندما اشتكت قطر ضد الدول الأربع، ورأى المجلس أن ما قامت به الدول الأربع من إجراءات الأولية الماسة بسلامة الطيران المدني جاءت متوافقة وتلك التي نص عليها القانون الدولي في مثل هذه المواضيع بشكل تام، ولا توجد أية مخالفات،

غير ذلك نحن يجب أن نوصل رسالة هنا إلى قطر، تتلخص في أن هذا التمادي لن يجبرنا على تغيير مواقفنا السياسية، فالخلاف بين المملكة العربية السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر وبين قطر هو خلاف سياسي وهو الأساس، ودائماً نقول إن الطيران المدني لا يجب أن يتم تهديد سلامته لتحقيق مأرب سياسية، والدول الأربع وإن اتخذت قراراً بعدم عبور الطائرات القطرية في أجوائها، إلا أن دولنا لن تهدد هذه الطائرات أو ركابها بأية حال من الأحوال.

وهنا أشير إلى أن الطائرات القطرية ما زالت تعبر الأجواء التي تديرها الإمارات، ولم تعترض لأي تهديد أو مخاطر منا، وفي المقابل نشهد وبشكل يكاد يكون اسبوعيا تقريباً حوادث تعرض مقاتلات قطر لطائراتنا المدنية.

التحرك حال حادثة تسببت فيها قطر

> ما الذي يمكن أن يحدث حال تعرض إحدى الطائرات الإماراتية لحادثة اصطدام بمقاتلات قطرية، في رأيكم هل تدرك الدوحة خطورة هذه التصرفات؟

- أكرر هنا التحذير من أن اقتراب الطائرات المقاتلة من الطائرات المدنية بهذا الشكل ومع فارق السرعات الكبير يمثل تهديداً من أخطر ما يكون، وللأسف فإن اقتراب الطائرات المقاتلة القطرية من طائراتنا المدنية وصل إلى 100 متر وهذه المسافة تقطعها الطائرة المقاتلة في أقل من جزء من الثانية، أضف إلى ذلك عاملا آخر مهما هو أن الظهور المفاجئ للطائرات المقاتلة أمام الطائرات المدنية، يجعل الطيار المدني في وضع عليه التصرف حياله في أقل من ثانية، وإلا تعرض هو وركاب الطائرة لخطر مميت، لأنه قد يصطدم أو يقوم بوضع الطائرة في وضعية غير طبيعية قد لا يخرج منها، وهذه المواقف لم يتعود عليها الطيارون المدنيون، كما أنهم لم يتدربوا على الدخول في مناورات مع طائرات مقاتلة، وقطر تدرك جيداً أن ردة الفعل من الطيار المدني قد تكون خطرة بالدرجة التي تصل بالطائرة إلى مرحلة السقوط.

وهنا أقول انه فيما لو حدثت لا سمح الله حادثة نتيجة هذه السلوكيات القطرية، فإن ذلك سيصيب الدوحة بزلزال كبير، لأن في ذلك خرق للمعاهدات الدولية، كما ان هذه الطائرة كما ذكرت لك سابقاً ركابها ليسوا من دولة واحدة، وبالتأكيد فإن كل الدول التي تضررت لوجود مواطنين لها على الطائرة سيرفعون شكاوى، ويتخذون إجراءات كبيرة في مواجهة قطر، سواء إجراءات قضائية أم أحادية، أم إجراءات تأتي تحت بنود أخرى، لكن كثيرا من هذه الدول ستتخذ إجراءات تشمل الخطوط الجوية القطرية، وغيرها.

وإجمالاً يمكن تلخيص الرد على هذا السؤال بالقول انه إذا ما تعرضت أية طائرة مدنية للخطر نتيجة السلوك القطري غير المسؤول، فإن الدوحة سيضربها زلزال قوي، وخاصة أن خسائر الأرواح المدنية الذين يلقون حتفهم نتيجة هذا التصرف القطري سيكون كبيرا، ومن الدول كافة.

جر المنطقة نحو مواجهات عسكرية

> هل تتوقعون أن استمراء الاستفزازات القطرية هو محاولة لجر المنطقة لمواجهات عسكرية معها؟

- لا أستطيع أن أفسر بعقلانية ما تقوم به قطر، فالدوحة قد يكون سلوكها هذا لوضع اسمها على خريطة الرأي العام العالمي، بعد أن تأقلم الرأي العام الدولي مع مقاطعة كل من المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر للنظام القطري، وهذا الأمر يزعج الدوحة ويقلقها، لذا هي ترغب في إثارة الرأي العام الدولي للفت الانتباه إليها وإلى مشكلتها، ظناً أنها بهذه الطريقة ستجبر المجتمع الدولي على أن يعود للتفكير في أزمتها بعد نسيانها، وأنا صراحة لا أعلم نية الدوحة، لكن الشيء المؤكد أن النظام القطري هو محب وعاشق للظهور في الإعلام أياً كان، وكما هو معروف فإن أية حادثة تتعلق بالطيران المدني تتناقلها وسائل الإعلام العالمية كافة، وينتشر الخبر في الإعلام الدولي بشكل كبير، وبالتالي يتكرر ذكر اسم قطر فيه وهذا ما تسعى إليه.

إنني هنا أطرح سؤالاً: لماذا لم يقم النظام القطري باعتراض سفينة ملاحية؟ الإجابة هي أنه لو اعترضت قطر مسار سفينة ما، فإن خبر الاعتراض لن ينتشر كما ينتشر خبر اعتراض أو حوادث الطائرات المدنية، وهذه السلوكيات تظن قطر أنها توفر لها زخماً إعلامياً وحضوراً في المشهد الدولي، وللحقيقة أنا لا أعرف ما لذي تريده قطر؟، هل تريد أن تغير من الوضع الحالي، هل تشعر أنها أصبحت منسية فتغامر بهذه السلوكيات؟ صراحة لا أعرف، لكن حقيقة ما تقوم به قطر هو خطر جداً، ولعب بالنار بل بمواد مشتعلة جداً، وأعتقد أنه من المفترض عليها الابتعاد عن تعريض الملاحة الجوية الدولية لهذه المخاطر.

الشكوى الإماراتية ضد قطر

> هل القرار الذي سيصدر منتصف الشهر المقبل سيضع قطر في أزمة سواء مع المجتمع الدولي أم مع إعلامه؟

الإمارات طالبت في أوراق الشكوى إلى المنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو) قطر بالتوقف فوراً عن ممارسة هذه السلوكيات، ونعتقد أن هذا الطلب هو أبسط طلب ممكن أن نقدمه، وهو طلب محق، الآن إذا رضخت قطر لهذا الطلب فموضوع الانتهاكات الجوية سيغلق وتبقى المواضيع السياسية الأخرى محل الخلاف بين الرباعي العربي وبين الدوحة، وهي خلافات يعرف جميع العقلاء أنها تقع بين الدول، لكن الدول لا تعرض المدنيين العزل للمخاطر فقط للدفع بأجندة في مواجهة سوء علاقة مع دولة أو أخرى، فالعلاقات بين الدول تصل إلى حد الحروب في ما بينها، لكن هذه الدول لا تعرض الملاحة الجوية الدولية للمخاطر التي يتعرضون لها الآن في منطقتنا بسبب السلوكيات القطرية.

دور الكويت

> زيارتكم القريبة إلى الكويت، هل تم فيها مناقشة هذه الاعتداءات القطرية؟

- كانت الزيارة فنية بحتة. الوساطة الكويتية بين الدول الأربع وقطر كانت وساطة دبلوماسية وليست وساطة فنية، لذا فالأجهزة الفنية المعنية في الكويت لم تفتح موضوع قطر كطرف وسيط، لكن زيارتي كانت اخوية لبحث عدد من المواضيع الفنية في قطاع الطيران المدني بين الإمارات الكويت.

> ما هي رسالتكم الأخيرة لقطر؟

أعتقد أنه إذا كان هناك صوت ومكان للعقل في قطر فعليهم باتباعه والتوقف فوراً عن هذه السلوكيات.