عبدالله بن بخيت

عندما تسأل غوغل عن قاسم أمين تنهال عليك عشرات المواقع التي تصنفه أقرب إلى الشيطان منه إلى بشر.

رفع الدعاة ورجال الدين في مصر كلمة (سفور) في الأدبيات الإسلامية حتى أصبحت في مستوى الإلحاد أو الكفر أو الشرك ثم انهالوا عليه وعلى كل من يؤيده بلقب داعية السفور. لا أحد اليوم يجرؤ على استخدام كلمة سفور في أي نقاش حول موضوع حجاب المرأة. لو أزلنا كلمة سفور ووضعنا مكانها كشف الوجه كيف ستكون نظرتك لقاسم أمين. ماذا ستقول إن قال لك أحدهم إن رأي قاسم أمين لا يختلف عن رأي المحدث السلفي ناصر الدين الألباني.

عكس حال كلمة (السفور) رفعت التيارات الإسلامية السياسية كلمة (الخلافة) إلى درجة القداسة. فأصبح كمال أتاتورك شيطاناً بجريمة إنهاء خلافة بني عثمان التي قدسوها بالسيف المسلط على رقابهم أكثر من خمس مئة سنة. اعتمد أتاتورك النظامَ الغربي في الحياة وفي السياسة اعتمد الحياة النيابية. نفس الفئة التي تتباكى على الخلافة وتلعن أتاتورك بتهمة تغريب بلاده هي التي تتباكى الآن في إستنبول والدوحة على الديموقراطية الضائعة.

رفض كمال أتاتورك طلب السلطان بالاستسلام والعودة من القتال أثناء الاحتلال البريطاني لعاصمة بلاده. ثم استقال من جيش السلطان الراضي بالهزيمة وشكل جيش التحرير ودخل في حرب شاملة ضد المحتل البريطاني والفرنسي واليوناني والإيطالي حتى تمكن أخيراً من تحرير بلاده.

لولا مصطفى كمال لكنّا اليوم نزور تركيا البيزنطية لا تركيا الإسلامية ولولا كمال أتاتورك لأصبحت تركيا اليوم مجموعة دول.

نفس المشكلة التي واجهها قاسم أمين وكمال أتاتورك واجهها تشارلز داروين صاحب نظرية أصل الأنواع. امتدت الأيادي الجاهلة باسم الدين لتنال من العلم والعلماء.

لم يبحث داروين في الإنسان هل كان قرداً أو أسداً. كان بحثه أكبر وأشمل بحث في أصل الأنواع كلها ثم خرج بنظرية أن الكائنات تتطور وتتكيف فيما عرف بالانتخاب الطبيعي. أساس نظريته التي أغضبت رجال الدين المسيحي في عصره أن كل الكائنات الحية ربما تنحدر من أسلاف مشتركة ووصف هذا الاختلاف والتنوع الذي نراه بالانتخاب الطبيعي. أكد العلم الحديث أن نظرية داروين شاملة وهي أصل النظريات الحديثة

لم تقتصر أبحاث داروين على الإنسان والحيوان بل امتدت أبحاثه إلى الديدان والأشجار.

داروين غيّر العالم إلى الأبد. مع الأسف عندما حاربنا الحرية العلمية والتفكير العلمي أنجبنا علماء من أمثال عبدالمجيد الزنداني وزغلول النجار.