تيم كاين

تفادى الكونجرس، في ظل قيادة كلا الحزبين على مدار سنوات طويلة، عمليات التصويت الصعبة بشأن الأعمال العسكرية، ومنح الرئيس الأميركي حرية شنّ حرب وقتما وأينما شاء. ويبدو أن تخلي الكونجرس عن دوره أصبح راسخاً لدرجة أن ثلاث إدارات استغلت تفويض ما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر باستخدام القوة ضد الإرهابيين لتبرير إرسال الجنود الأميركيين إلى أكثر من 12 دولة.

ويتصور الرئيس دونالد ترامب الآن أن بمقدوره توجيه ضربات صاروخية ضد نظام بشار الأسد في سوريا، وتوسيع نطاق الحرب العالمية على الإرهاب من دون السعي للحصول على موافقة الكونجرس. ولو أنه من الممكن شنّ ضربات صاروخية ضد الأسد من دون تفويض من الكونجرس، فلا شيء يمكن أن يمنع الإدارة الأميركية من شنّ هجوم ضد إيران أو كوريا الشمالية، وهو ما شجّع عليه بعض مستشاري الرئيس علانية.

وقد آن الأوان لكي يتحرك الكونجرس، ولابد من استعادة السلطة المطلقة التي يتصور الرئيس أنه يمتلكها. ويجب أن نوضح أن التحرك العسكري ضد دولة ذات سيادة يتطلب موافقة منفصلة من الكونجرس، ما لم يكن ذلك دفاعاً عن الأراضي الأميركية إزاء هجوم وشيك.

وقد تقدمت أنا والسيناتور «الجمهوري» «بوب كروكر»، بمشروع قانون لتفويض عسكري جديد، تفاوضنا بشأنه ونهدف من خلاله إلى تحقيق تلك الأهداف. وإذا ما تم تمريره، فإنه سينهي التفويض المفتوح الذي منحه الكونجرس عام 2001، والذي لم يقدم أية قيود ذات مغزى على الجهات التي يتم شنّ حرب ضدها وتوقيت ومكان الحرب على الإرهاب، إضافة إلى تفويض عام 2002 المنتهي، والذي تم استخدامه لتبرير الحرب على العراق. وبموجب مقترحنا، سيصوت الكونجرس للموافقة على العمل العسكري المتواصل لمدة أربعة أعوام ضد «القاعدة» وتنظيم «داعش» وحركة «طالبان» والمسلحين المصنفين على قوائم الإرهاب الذين انخرطوا في أعمال عدائية ضد الولايات المتحدة أو شركائها في الميدان. وسيرسّخ ذلك لإجراءات عاجلة يمكن استخدامها لمراجعة أي تغيير بصورة سريعة حول من يقاتله الأميركيون وأين، ورفض أي تغييرات إذا اختار الكونجرس ذلك. ويضع ذلك أيضاً إجراءات سريعة لمراجعة العمل العسكري ضد تلك التنظيمات الإرهابية وإلغائه أو تمديده كل أربعة أعوام.

والتفويض المقترح هو نتاج تفاهم حقيقي بين الحزبين «الديمقراطي» و«الجمهوري»، ويوجّه رسالة إلى القوات الأميركية أن المعارك التي تخوضها ضد الإرهابيين ليس مسألة «ديمقراطية» أو «جمهورية». وقد زعم البعض أن النسخة الحالية من شأنها توسيع قدرة الرئيس على خوض الحرب. لكن ذلك محض افتراء. فمقترحنا يعتبر علاجاً جذرياً للحرية المطلقة التي منحها الكونجرس إلى ترامب.

وعلى مدار ما يقرب من 17 عاماً، لم يحرك الكونجرس ساكناً بينما شنّ الرؤساء الأميركيون حروباً موسعة، لكن التفويض الجديد يجبر الكونجرس على اتخاذ قرار بشأن المكان الذي يخوض الجيش الأميركي حرباً فيه والجهة التي يحاربها، ويحتفظ بالحق في وقف أي توسع غير ملائم لأية مهمة عسكرية.

وقد زعم آخرون أن القانون المقترح من شأنه مصادرة صلاحيات الرئيس الخاصة بالحرب، ويفاقم من وضع الحرب الدائمة الراهن، لكن ذلك غير حقيقي أيضاً. فالقانون يُخضع تلك الحروب السرمدية لمراجعة إجبارية من قبل الكونجرس كل أربع سنوات.

وماهية الأمر أن الكونجرس سيستعيد صلاحيته الدستورية. وسيتأكد من أنه لن يتم تعريض أرواح الجنود الأميركيين للخطر ما لم يكن لدى الكونجرس جرأة المناقشة والتصويت على أن المهمة العسكرية تصب في المصلحة الوطنية.

ولا شك في أن رفضنا الاضطلاع بالمهمة ستكون له تداعيات أوسع نطاقاً. ولا ينبغي علينا ألا ندفع مقابل حرب لمجرد أننا قد تعلمنا أن نؤجل الدفع على حساب الأجيال المستقبلية، ولأنه يمكننا أن نعهد ببعض الأعمال الحربية لمتعهدين من القطاع الخاص. وإذا أمكننا تفادي التصويت على الحرب، فالبعض يتوهم أنه من الممكن التهرب من المسؤولية الأخلاقية عن الحرب وتبعاتها.

تيم كين

سيناتور «ديمقراطي» عن ولاية فيرجينيا - «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»