سمير عطا الله

وضع نيكولا ساركوزي اسمه على بيان وقعه 300 فرنسي يدعو إلى «حذف» بعض الآيات من القرآن الكريم. ويعطي اسم رئيس سابق للعريضة شيئاً من الأهمية. لكنه يزيد أيضاً في إدانتها كعمل غير مسؤول يؤدي فقط إلى تقوية دعاوى المتشددين، بأن الغرب المسيحي يترصد الإسلام والرسالة.

إضافة إلى سطحية الطلب وعبثيته، فهو يؤكد جهل موقّعيه بحقيقة بسيطة جداً، وهي أن الديانة الثانية في البلاد هي الإسلام. والمسألة برمّتها لا أهمية لها إلا في كونها خروجاً على المقبول والقانون والتآخي الوطني، لكن هل يحق لرئيس سابق أدى ذات يوم اليمين الدستورية في الحفاظ على وحدة البلاد في زمن شديد التوتر وسريع الالتهاب ذلك؟

كل ما أراده ساركوزي في خفته السياسية، هو أن يزيل عن نفسه ما لحق به من اتهامات وفضائح عن الأموال التي تلقاها من القذافي. غطى خطيئة تغتفر بخطيئة لا تغتفر. وخطأ أخلاقياً بخطأ وطني، وأخرج نفسه من الوسط الديغولي إلى الحركات الفاشية المتفشية في أوروبا الآن. كأنما هذا الرجل لم يمضِ أعواماً في وزارة الداخلية رأى فيها فرنسا على واقعها، ولا أمضى 5 سنوات في الإليزيه رأى فيه العالم على ما هو.

السياسيون في كل مكان يشعلون سلام بلادهم بعود ثقاب من أجل مصلحة صغيرة. لكن لا شيء سوف يعيد ساركوزي إلى قطار السياسة الفرنسية حتى لو انضم إلى «الجبهة الوطنية» ومارين لوبن.

مجرد بيان سطحي يثبت شيئاً واحداً هو جهل الموقعين بالأديان، وليس بالإسلام وحده. وجهلهم بما يربط الأديان السماوية ورؤية القرآن لهذه الروابط. والقرآن كلٌ أرادوا تجزئتَه في محاولة ضحلة بكل ما فيها. والسيد ساركوزي يخرِّب، في رعونة، المساعي العالية التي يعطيها الرئيس ماكرون الأولوية في سياسته الوطنية. أي البحث عن وسائل الصهر الاجتماعي ليس فقط في فرنسا نفسها، بل في بلاد الينابيع في المغرب العربي.

كلُّ تطرفٍ غلوّ. والشيخ عبد الله العلايلي كان يقول: إن التعصب ليس من الدين، بل من جهل الناس به.