حسين شبكشي

لم تكن المشاهد الغوغائية الطائفية البغيضة التي حصلت من قبل مرتزقة و«زعران» تنظيم حزب الله الإرهابي في قلب بيروت، إلا ترجمة عملية لما سيكون عليه المشهد السياسي في لبنان. رئيس «شكلي» و«صوري» يتحالف مع رئيس الوزراء ولكن كلاهما تحت تهديد سلاح تنظيم إرهابي يقوده زعيم عصابة ولاؤه الأول والمطلق لزعيم طائفي في إيران.

هذه هي الحقيقة المؤلمة ببساطة ووضوح.

المال القذر نتاج تمويل السلاح والمخدرات وغسيل الأموال كان أداة لحزب الله لشراء الولاء، إضافة لتهديدات شبيحته للمرشحين المنافسين والمنتخبين.

لم تكن انتخابات ولكنها إبراز عضلات زعران.

لم يعد من كلمات فيروز عن لبنان الكرامة والشعب العنيد سوى تلك الكلمات، فالواقع مؤلم.

لبنان يواصل انحداره إلى حضيض مفزع، وهو الذي كان يوصف ذات يوم بأنه سويسرا الشرق أو باريس المشرق أو فينسيا الشرق الأوسط، لم يعد ذلك سوى أطلال في ذاكرة القدامى، فاليوم لبنان هو معقل لميليشيات الإرهاب وزعامات التطرف ورايات الموت وفرق الخارجين عن القانون.

لبنان «ارتضى» شعبه أن يختطف من قبل تنظيم مجرم إرهابي ولاؤه غير لبناني، ارتضى أن يكون هذا الفصيل المدان بأعمال إرهابية في أكثر من 15 دولة عربية مختلفة، ارتضى أن يكون هذا الفريق جزءا من كيانه السياسي، ولكن لماذا على العرب أن يقبلوا بهذا الواقع المشين؟ لبنان يجب أن يعامل كما عوملت ألمانيا النازية من قبل، وتتم مقاطعته سياسيا عقوبة على اختياره السياسي (وهي عقوبة يتم اتباعها من قبل المجتمعات الدولية بحق الدول التي تنتخب شخصيات نازية في حكوماتها).

لبنان اعتمد قبول تنظيم مصنف عالميا وعربيا على أنه تنظيم إرهابي بامتياز وتمت إدانته بسلسلة متتالية من الأعمال الإرهابية، اعتمد قبوله كشريك سياسي وهذا فيه «صفاقة» سياسية واضحة وإهانة للقانون الدولي لا يمكن السكوت عنها.

سقطت أقنعة التجمل السياسي للحزب القبيح عبر تحالفات سياسية كانت تتم للضرورة القصوى.

لبنان في طريقه للاحتلال الكامل وأن يتحول بأكمل مؤسساته في قبضة تنظيم حزب الله الإرهابي، وما حصل أخيرا في قلب بيروت من استعراض طائفي بغيض سيلحق باقي أجزائه الاستعراض في الشوف وبعبدا والبترون وبشري وزغرتا وغيرها من المدن اللبنانية، كان لبنان جميلا في يوم من الأيام ولكن بات ذكرى لا أكثر.

بلد رضي بحزب الله واجهة سياسية له لا عذر لأحد أن يقبل بالاستمرار في التعامل معه.

المشاهد التي تلت النتائج الانتخابية والتي تحدثت عن وجود «خيانات وطعن في الظهر» من حلفاء سياسيين والتهديد الصريح بأن الذي «لا ينتقم لكرامة فلا كرامة له» يوضح تماما أن لبنان مقدم على مرحلة من التصفيات السياسية الدموية التي تريد الخلاص تماما من بعض الأسماء والوجوه السياسية التي تم استغلالها للوصول إلى المشهد الحالي، لأن المشهد الثاني يتطلب فجاجة ووقاحة من نوع آخر.

لبنان إلى مزيد من الدماء مع الأسف ولكن في النهاية هو الذي اختار هذا المصير.